على مر التاريخ ، اتجهت البشرية إلى تقوية علاقاتها مع الطبيعة من أجل الحفاظ على استمرارية وجودها. ويمکن فهم ذلک بشکل غريزي في محاولة الوفاء بالإحتياجات الأساسية للإنسان من المصادر الطبيعية. و انعکس ذلک ايضاً على العلوم التى تعنى بالعلاقة بين الإنسان و البيئة و التأثيرات المتبادلة بينهما. و من هنا برز مفهوم التصميم المحب للطبيعة ( البيوفيلي ) کأحد الإتجاهات الحديثة في مجال التصميم و الذي يعنى بالعلاقة بين الإنسان والبيئة المبنية ، و يهدف إلى تحسين صحة الأفراد داخل الفراغات الداخلية و وضع التصميم على صلة بالتاريخ و الثقافة الخاصة بالمجتمع.
ويحمل التصميم البيوفيلي بعدين مهمين لتحقيقه ، من أهمهما هو بعد التصميم العامي أو التصميم القائم على الوقت و المکان ، و هو مصطلح يشير إلى المنتجات أو المساحات التي يتقاطع فيها الثقافة ، البيئة ، والتاريخ ليخلق معنى للمکان . التصميم العامي هو ايضاً مصطلح مقترن بالعمارة العامية و نتاج لوعي متزايد بأهميتها في الآونة الأخيرة. فالعمارة العامية هي عمارة تعکس الظروف البيئية، الثقافية والسياق التاريخي الذي وجدت به. وعلى الرغم من ارتباطها بالتقاليد، فإنه يمکن اعتبارها فن حديث النشاط ، لأنها توفر بدائل للممارسات المعمارية الحالية التي هي مسألة نقاش بالنسبة لأزمة الطاقة و الإستدامة ، کما أنها أصبحت مدعاة للفضول و الإهتمام الإثنوغرافي المعماري.
لقد اتضح من خلال الدراسة المطروحة بالبحث أن التصميم العامي له علاقة قوية بالإستدامة لأنه لا يستنفذ الموارد المحلية , و يفهم البيئة المحيطة بالإنسان و يقوي علاقته بها ، کما أنه يحترم البعد التاريخي و الإنساني للمجتمعات. لذلک سوف يتم إلقاء الضوء على مفهوم التصميم العامي في هذا البحث و رصده و تحليل عملياته الإبداعية و الإنتاجية في العمارة العامية من خلال فرضية أن تطبيق مبادئ و سمات التصميم العامي ، قد تقدم مساهمات مهمة في مجال التصميم الرسمي في الفراغات الداخلية لتصبح نقطة انطلاق لإنتاج تصاميم أکثر التزامًا بالثقافة والعادات المحلية لشعبها و تحقق مبادئ الإستدامة الشاملة .