ان الکتابة العربية ارث حضاري ومعجزة بيانية، وهي لصيقة بالعقيدة والادب والفکر والدين, وعندما اخترع الانسان صورة الحرف وجدت الکتابة ثم الحضارة.
وکان الخط العربي وسيلة للعلم والمعرفة ولکنه أضحى فيما بعد مظهراً من مظاهر الجمال، فنما وتحسن وتنوع وتعدد وأصبح ترفاً فنياً لم تبلغه ايه امه من الأمم.
وأصبح الخط فن غايته الکمال، انطلاقاً من نظرة الفلسفة الإسلامية الى الاتقان والکمال کمرادفين للجمال أو کشاهد أول عليه، وفي ذلک يقول الامام الغزالي:
(کل شيء، في جماله وحسنه في ان يحضر کماله اللائق به الممکن له، فإذا کانت جميع کمالاته الممکنة حاضرة فهو غاية الجمال. والخط الحسن کل ما يجمع ما يليق من تناسب الحروف وتوازنها واستقامة ترکيبها وحسن انتظامها. ولکل شيء کمال يليق به، فحسن کل شيء في کماله الذي يليق به).
وتتميز الحروف العربية بأن الحرف الواحد يمکن رسمه فى عدة اشکال متنوعة بل ومختلفة، تندرج بين الليونة والصلابة ، وهذه الخاصية تعني الإبدال والتغيير فى الاشکال المألوفة للحروف فطواعية هذه الحروف وامکانية رسمها وصياغتها کانت السبب في ظهور الطرز المختلفة من الخطوط العربية.
ونتيجة لما تمتاز به الحروف العربية من حيوية ومرونة ومطاوعة وما فيها من قابلية للمد والرجع والاستدارة والتزويه والتشابک والتداخل وما بها من امکانيات الوصل والفصل، ساعد على سهولة الدمج بينها وبين الرموز التجريدية ، الامر الذي جعل من السهل تشکيلها وإعادة بنائها کأيقونة بصرية مميزة تجمل صفات جمالية وتوظيفها في العلامات التجارية.
ويهتم البحث المقدم بتوضيح کيف يمکن توظيف الحروف العربية کأيقونة بصرية في تصميم العلامات التجارية، وذلک بالاستفادة من طواعية الحروف العربية ومدي مرونتها وقابليتها للتشکيل والتي أدت الى ظهورها کأيقونة بصرية جمالية في مجال تصميم العلامات التجارية. ويعرض الباحث نماذج مختلفة لها ويقوم بتحليل بعضها، ثم يعرض البحث النتائج والتوصيات والمراجع.