l

إن التراث الثقافي للأمم يعتبر الرکيزة الأساسية ومنبع الإلهام الذي ينهل منه فنانوها، فالتراث هنا يعني به کل مفهوم يتعلق بالتاريخ الإنساني في تجاربه الماضية من عادات وتقاليد وطقوس دينية وحکايات شعبية وما إلى ذلک، وکل ما نتج عن تلک التجربة التي يحولها الفنان إلى صياغات تشکيلية مميزة هي نتيجة هذه التجارب السابقة من موروث ثقافي مختزن داخل وجدان الفنان.
مما لاشک فيه أن المخزون الثقافي والهوية البصرية هما المحرکان الأساسيان لکل فنان ومبدع والتي تساهم بشکل مباشر في صياغة شخصيته وبناء ذاته الإنسانية وتؤثر في ما بعد على رؤيته الفنية والإبداعية بعد أن تشکلت بکل ما يحيط بها من جوانب حياتية وثقافية واجتماعية مختلطة بمشاعر الفنان ووجدانه، فبات يعتمد على ذاتيته لتکون بمثابة أساس و نقطة انطلاق للتعبير والإبداع الفني في أعماله.
إن المخزون الثقافي عند الفنان عوض الشيمي النابع من نشأته في أحد الأحياء التي تعج بالعمارة الإسلامية بما تحتويه من عناصر ومفردات بصرية أثرت على رؤيته الفلسفية في تناوله لأعماله وفي صياغاته التشکيلية، کذلک الفنان صالح عبد المعطي الذي ولد في جنوب مصر وبالتحديد في مدينة الأقصر والتي تحتوي على حصة کبيرة من الموروث الثقافي المصري القديم وکذلک الإسلامي کان له شديد الأثر على البنية الشخصية الخاصة بالفنان والذي قام بدوره في تفريغ هذه الشحنات الهائلة في أعماله الجرافيکية.
وفي هذا البحث يقوم الباحث بدراسة الحالة التراکمية الناتجة على البيئة المحيطة والتي شکلت الرؤية الفلسفية للموروث الثقافي للفنان عوض الشيمي والتي ظهرت في أعماله الجرافيکية وکذلک سيقوم الباحث بدراسة نفس الأثر الذي أنطبع على الرؤية التشکيلية والفلسفية للفنان صالح عبد المعطي التي ظهرت في أعماله الجرافيکية .