حظيت مشکلة جودة هواء البيئة الداخلية وما يرتبط بها من مشاکل صحية متعلقة بالمناخ الداخلي للمباني باهتمام الدارسين والباحثين في کثير من دول العالم ، إلا أن جذور هذه المشکلة يمتد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية الاهتمام بالحفاظ على الطاقة ، حيث توجهت معظم الاهتمامات إلى توفير استهلاک الطاقة في المباني ، وأخذ ذلک بعين الاعتبار في کل تصميماتها التي حولتها إلى أماکن محکمة الغلق وشبه مغلقة بمواد عازلة ، وطورت أجهزة وأنظمة التبريد والتسخين فاعتمدت بشکل أساسي على الهواء المعاد تدويره وأصبح معظمها يعمل بأقل کمية ممکنة من الهواء الخارجي، مع انتشار استخدام الخامات الصناعية ذات الانبعاثات الضارة على البيئة وصحة الفرد .
وقد کنا إلى عهد قريب نعتقد أن البيئة الداخلية تحمينا من ملوثات هواء البيئة الخارجية ، إلا أن الأمر قد اتضح أن مشکلة التلوث لا تقتصر على هواء البيئة الخارجية فحسب بل تشمل هواء البيئة الداخلية ، وأصبحت المشکلة أمراً هاماً بعد وجود ظاهرة المباني المريضة التي يهتم بها خبراء منظمة الصحة العالمية التي وصفتها بأنها مجموعة من الأعراض الصحية التي تتسبب في الشعور بالأعراض المرضية من تهيج العين والأنف والحنجرة ، إلى التعب الذهني والصداع والغثيان ، والدوار والتهاب الجهاز التنفسي وغيرها، وارتبطت تلک الأعراض من الناحية الوبائية بالمباني والمساکن محکمة الغلق ، بجانب ارتفاع درجات الحرارة ومستويات الرطوبة النسبية والغبار والتدخين .
ومن هنا ظهرت الحاجة الملحة للتصميم المستدام والذي يؤسس لبيئة داخلية تلبي متطلبات الراحة والأمان ، بوصفها استراتيجية للتقليل إلى الحد الأدنى من ملوثات المباني ، والزيادة إلي أعلى حد في کفاءة التبادل الإيجابي بين البناء والبيئة الطبيعية من حوله ، والآن وقد توفرت التصميمات المستدامة بکافة المستويات الجمالية والوظيفية ، لذلک يجب التوعية بأهمية التصميم المستدام وتأثيره الإيجابي على صحة الانسان الذى يعمل على إظهار جماليات ووظيفة التصميمات والخامات المستدامة المستخدمة والتي وإن کانت تصميمات عالية التکلفة في البداية إلا انها قابلة للتدوير وباقية للأجيال القادمة ولا تضر بالبيئة ومن هنا جاءت إشکالية البحث في عرض محددات التصميم الداخلي المستدام وأثره على جودة البيئة الداخلية للتصميم الداخلي والأثاث .