تعد التکية المولوية بالقاهرة مثال فريد من العمائر في الشکل والتصميم والوظيفة، والنموذج الکامل من التکايا الذي أنشأ خصيصًا للاحتفال الطقسي والحضرة المولوية، فضلاً عن باقي المکونات المعمارية للتکية؛ سواء المدفن أو مبنى الخدمات أو خلوات الصوفية التي تحتفظ بشکلها وسماتها وعمارتها الأصلية. کما تعتبر مثالاً حيًا على روعة هذا النمط المعماري من المنشآت الذي يجمع بين الشعر والموسيقى والشعائر الإسلامية المفعمة بالطقوس الصوفية. تلک المنشأة الشاهدة على بهاء عمارة العصر المملوکي الزاهرة ممثلة في القبة والمئذنة الأصلية، وسمات العمارة العثمانية المميزة في فن عمارة القباب وزخرفتها؛ والتي قام دراويش الطريقة المولوية باستخدامها خلال الفترة من القرن السابع عشر إلى القرن العشرين.
وتأسيسًا على ما سبق؛ يهدف هذا البحث إلى دراسة تلک المنشأة المعمارية الفريدة من نوعها؛ فهي واحدة من النماذج الکاملة والأخيرة من مثيلاتها من العمائر وهو نمط التکايا العثمانية في مصر. تعالج الورقة البحثية عبر استخدام المنهج الأثري التحليلي أهمية تلک المنشأة معماريًا وفنيًا باعتبارها رمزًا للعمارة والفنون الصوفية في مصر، حيث تلقي الضوء بصورة موجزة أولاً على الطريقة المولوية کأحد الطرق الصوفية في مصر إبان العصر العثماني، ثم تتبع تاريخ تشييد المجموعة المعمارية قبل بناء التکية المولوية. وترتکز الدراسة بصفة رئيسية على بحث تاريخ وعمارة مسرح الدراويش، بغرض إبراز ما تضمنته تلک المنشأة من رمزية معمارية، وفنون زخرفية عثمانية، وکتابات دُونت بالحرف العربي بخطوط فارسية، تعد تجسيدًا حقيقيًا لروح الطريقة الصوفية المولوية في مصر.