إن التصميم الحسابي يعد أحد المراحل التي أسهمت في التطور الکبير لدور الحاسب الآلي في عملية التصميم المعماري، فنجد أن العديد من المصطلحات المعمارية الجديدة مثل التصميم التوليدي، التصميم الحيوي المخلق، التصميم البارامتري أو الخوارزمي، کلها مرادفات ومجالات فرعية تقع تحت المظلة الواسعة للتصميم الحسابي، الذي بدوره يسعي إلي استغلال إمکانات الذکاء الاصطناعي ورقمنة الرياضيات المتقدمة في الوصول الي تشکيلات معمارية شديدة التعقيد والعضوية،  وعلى نفس المنوال، فإن التصنيع الرقمي المعزَز بالحاسب الآلي يلعب دورا أساسيا في تحويل هذه التشکيلات الخيالية إلي مبان علي أرض الواقع، بدقة متناهية وتوقيتات قياسية. کذلک، فإن التصميم الحسابي يزخر بتطبيقات واعدة في المحاکاة البيئية والتوثيق ثلاثي الأبعاد للمباني القائمة.
ورغم هذه الإمکانات الواسعة، إلا أن أدوات ومفاهيم التصميم الحسابي قد دخلت عالمنا العربي ليس کوسائل مساعدة للإبداع المحلي، ولکن کتکرار ضحل للتطبيق الغربي لتلک التقنيات، معمقة بذلک أزمتي فقدان الهوية والاستدامة المحلية. فکما يُري في المدن العربية الرائدة معماريا کأبوظبي، دبي، والدوحة، تبدو الهوية المعمارية المحلية مهمشة وغير مستغلة رغم غناها الشديد بالقيم الثقافية والفنية، وکذلک التشکيلات الهندسية المتقدمة ومنهجيات البناء المستدامة، لتؤدي بنهاية الأمر إلي مدن بلا هوية، مشبعة بمبان غير مستدامة وفراغات لا تناسب بيئتها.
إن هذا البحث يسعي إلي استکشاف وعرض تطبيقات التصميم الحسابي في الحفاظ على التراث المعماري في العالم العربي. فيقوم أولا –عبر الاستقراء التاريخي-بعرض دور الرياضيات-والتي تعد أساس التصميم الحسابي-في العمارة الإسلامية، مناقشاً إسهامات علماء الرياضيات المسلمين في الارتقاء بمباني المسلمين تصميما وانشاء. ثانياً: يتم دراسة الزخارف الإسلامية من حيث الأنواع والخصائص، وکذلک الطبيعة الرياضية لتلک التشکيلات الفريدة وأخيرا، يتم استعراض ودراسة عدد من تطبيقات التصميم الحسابي في العمارة المحلية في أکثر من مجال، کعملية التشکيل المعماري، توثيق المباني التراثية، الإنشاء، والمحاکاة البيئية في مرحلة التصميم.