يشکل الفن الإسلامي منبراً حضارياً يمتلک العديد من المقومات و القيم التي استطاعت أن تجعل منه مرجعاً فنياً   و تراثياً و إنسانياً يستقى منه الفنان و المصمم رؤى إبداعية تتواکب و تتطور مع المتغيرات عبر الزمان و المکان  ، و ذلک لما يتميز به من اتساع جغرافي کبير نشأ عن اندماجه بثقافات متنوعة و جنسيات مختلفة مما کان له الأثر في أن يترک لنا تراثا فنياَ راقياً صالح للبقاء والاستمرارية.
و المتأمل للفن الإسلامي يلاحظ إنعکاسه على معظم مجالات الفن و التصميم عبر العصور المختلفة ، و على الاتجاهات التصميمية المعاصرة و الفنون الغربية ، مما يؤکد مدى تفرد الحضارة  الإسلامية و إعجازها و إبداعها عبر مختلف الحضارات .
 و يعد مجال التصميم الداخلي و الأثاث أحد أهم المجالات التي تأثرت بفکر وفلسفة و أسس الفن الإسلامي منذ القدم  ، فحاول البعض محاکاته فکرياً من خلال إتباع المضمون الفکري و الفلسفي له ،  و سعى البعض الأخر إلى اختزال مفرداته  الشکلية و توظيفها في صيغ مبتکرة تبعاً لرؤيته الإبداعية للوصول إلى تصميم داخلي معاصر يحمل الهوية الإسلامية.
و من هنا يتأکد لنا أن مفهوم الحداثة في الفکر و الفن و التصميم لن يتحقق إلا من خلال المواءمة بين الجانب التاريخي و الاتجاهات الحديثة ، فإذا لم تکن الحداثة ذات صلة بالجذور فلا ينبغي تسميتها بالحداثة ، فالحداثة و الأصالة تجمعهم علاقة جدليه متماسکة فيما بينهم .
و تسعى هذه الورقة البحثية إلى إثبات أن هناک علاقة وثيقة بين أسس و جماليات الفن الإسلامي و الاتجاهات الفکرية المعاصرة للتصميم الداخلي ، کما تهدف إلى تأکيد القدرة الکامنة للفن الإسلامي على استخدامه عبر العصور المختلفة  و صهر أصوله الثقافية بالتقنيات  المعاصرة ، و تتناول الدراسة محورين رئيسيين ،   المحور الأول و يتناول مفهوم  و فلسفة الفن الإسلامي و أهم الأسس التصميمية لتي بني عليها الفکر الإسلامي و الفکر التصميمي المعاصر  و أهم التوجهات الفکرية المعاصرة التي ارتبطت بالموروث الإسلامي ، و المحور الثاني  يتضمن مداخل إحياء الفن الإسلامي في التصميم الداخلي المعاصر ، و معايير التصميم الداخلي المعاصر في ضوء الفن الإسلامي و يختتم البحث بکيفية التواصل مع التراث الإسلامي في أعمال التصميم الداخلي للمسکن المعاصر .