تذخر العديد من مدن العالم الإسلامي بتراث عامر بالقيم الجمالية . حيث تمکن دين الاسلام من تغيير ايديولوجية معتنقيه و الذى انعکس بالتبعية على العديد من مظاهر الحياة و منها مدن المسلمين ، و التي تأثرت بوضوح بمتطلبات الدين .
لقد تأثر عمران المدن ، حيث تبنى مبادئ الدين الإسلامي، و يظهر بوضوح الدور الهام للفقه الإسلامي في تحديد و توضيح دور الافراد و حقوقهم وواجباتهم فى الحفاظ و تنمية مدنهم.
لقد وظفت العديد من الطرز المعمارية و تطورت من اجل تنمية محيط المجتمع المسلم ، و قد تم ذلک ليس وفقا لدستور مسبق ، بل وفقا لفکر غير مکتوب متفق عليه روحيا من قبل المصممين المسلمين و ذلک من اجل اعلاء القيم الجمالية وفقا العقيدة الاسلامية. و يتضح ان ذلک قد اضفى اطارا عاما قيميا يحدد هوية و شخصية مدن المسلمين ، بل و يخلق صورة للمدن متشارکة الهوية. الا ان الصورة المعاصرة للمدينة الاسلامية قد اختلفت بشدة.
فالمشهد المعاصر في العديد من مدن البلاد العربية يقدم لنا مزيجا مختلفا من التغييرات نتيجة اسباب عدة. فالحقيقة ان الوضع الراهن لصورة المدينة اليوم تشير بوضوح الى ان المدينة تفتقر الى المعنى الحقيقي لصورة المدينة. فالتحولات في مظهر المدينة الحالية و افتقارها لحقيقة وجود هوية حقيقية اصلية هو سؤال يطرح نفسه في ساحة علم التخطيط الحضري و المجتمعي من حيث دراسة الاسباب و النتائج التى تترتب على ذلک و ما لها من تبعات مؤثرة على انتماء المجتمعات لأصولها.
ان المدن غالبا من أکثر التجمعات الانسانية المنتجة ،أينما يهدف قاطنيها الى ايجاد أفضل فرص المعيشة و الانتاجية ، فالانسان هو أهم المفردات فى تکوين صورة المدينة ، الا اننا نجد انه هو اکثر من يصارع للوجود فى خضم هذه الصورة الغير متکاملة.
ان الورقة البحثية المقدمة تناقش مفهوم الجمال فى الاسلام الذى طبق فى مظهر المدينة المسلمة المبکرة و يتتبع تغيير الصورة لثلاثة مدن عربية معاصرة و هى : القاهرة ، دبى و الدوحة. فالبحث يناقش ان صورة کل مدينة من الثلاثة تقدم نموذجا مختلفا فى حين اشتراکهم جميعا فى هوية العروبية و الاسلامية.
ان البحث المقدم يناقش و يبحث الاسباب و النتائج المترتبة عن تهميش الموروثات و الهوية الاصلية للمجتمعات و اثرها على الشعوب و الاجيال الجديدة