لقد غفل الکثيرون في العالم الغربي أو تغافلوا أن الحضارة الأوربية التي تتميز بالتکنولوجيا الحديثة اقامت رکائزها في الأصل على الحضارة العربية الإسلامية التي سادت قبل ألف عام، وتناسوا أن العلماء المسلمين في ذلک العهد هم الذين اکتشفوا علوم الجبر، وأن الأطباء المسلمين هم الذين توصلوا إلى علاج أمراض عديدة مثل الربو وأمراض العيون، وأن المسلمين المخترعين هم الذين صمموا الأشکال الأولى للمظلات،  وأن علماء الفلک المسلمين هم الذين حسبوا حجم کوکب الأرض بدقة شديدة، وذلک في الوقت الذي کان فيه الأوربيون يتصورون أن الأرض مسطحة
  هل يتذکر هؤلاء الذين يتهجمون على العرب ويکيدون لهم کيداً الإسهامات الجليلة للحضارة العربية الإسلامية الممتازة في وضع البذرة التي صنعت التقدم الحالي في الغرب؟ إجابات تلک الأسئلة يرسم لوحة متکاملة لهؤلاء الذين يريدون إضاعة تاريخ الحضارة العربية الإسلامية وأثرها في التقدم الأوربي.
 لم يکن الفن الإسلامي له أتجاه واحد في القرون الطويلة التي ظهر فيها، وهذا أمر طبيعي لأنه فن موحد ذو مبدأ واحد وثقافات متعددة في جميع أقاليم الإمبراطورية الإسلامية.
    ويلاحظ أنه أثناء الفتوحات الإسلامية امتزجت ثقافة العرب بأهل البلاد التي أخضعوها وبعد أن تتلمذ الصناع العرب علي أيدي الفنيين منهم نتيجة للاختلاط بين أهل تلک البلاد، نشأت فنون متشابهة في جملتها ويمکن تمييزها عن غيرها من الفنون، ولکنها متباينة في تفاصيلها، لقد کان الفن المعماري أکثر الفنون أتصالا بالأقاليم الذي ينشأ فيه، وکان تبادل العناصر الفنية وتبادلها بعضها ببعض أسهل في ميدان الفنون الزخرفية.
لقد تأثر وأثر الإسلام علي المناطق الاوروبية التي فتحها المسلمون مع الفتوحات الاسلامية، وظل موجودا بأثره المعتقدي وتأثيره الحضاري والفکري عليهم، وهما الأثر والتأثير اللذان ساهما في نهضة أوروبا، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المنطق الداخلي للعالمية الحضارة والدعوة في الإسلام لم يقم اطلاقا على منهجية تربط هذه العالمية بسياسة الدولة ومصالحها.
وفى هذا البحث نلقى الضوء على أثر الحضارة الإسلامية (لتعظيم) دورها في تطور النهضة الأوربية الحديثة وذلک من خلال مبحثين يتناول المبحث الأول تأثير الثقافة الاسلامية على الحضارة الغربية.
أما المبحث الثاني فنتناول فيه الحضارة الاسلامية على العمارة والعمارة الداخلية في بعض نماذج بلاد الاندلس بالعصر الاموي.