المتأمّل في حقيقة الخلق، وما أوجده الله في هذا الکون، يجده في حالة من الانسجام والتکامل في ما بينه ،قال الله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّکُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَکُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً﴾^[1]صدق الله العظيم.
 هذه الحقيقة البديهية تکشف عن ضرورة وجود محور يمثل غاية لهذا الانسجام والتکامل الکوني، وما يصطلح عليه القرآن من تسخير الکون للإنسان، هو تعبير دقيق عن محورية الإنسان لهذا الکون، وأن أساس العلاقة بين الإنسان والکون هي التفاعل والتکامل.
  إذا ما تأملنا خلق الله للإنسان - محور هذا الکون - لوجدنا أن جميع أجهزة جسمه تعمل کوحدة متکاملة، لتحقيق الأداء الوظيفي الأمثل . لذا فقد قام الإنسان بدوره على مر العصور بعمليات التکوين والابتکار وجمع عناصر من البيئة ووضعها في تکوين معين لإعطاء شئ له وظيفة أو مدلول وهو ما يعرف بعملية التصميم متمثلة في محاولاته المستمرة لتکوين لغة مفهومة بينه وبين المحيط أو الحيز الذي يعيش فيه ، حيث يعد الفراغ الداخلي بتکوينه الفيزيائي وشکله الوظيفي ومظهرة الجمالي هو الوعاء الذي تتفاعل فيه البشرية لتکوين الحضارة التي تعتبر أسمى وأرقى ما أبدعته الإنسانية.
   وجد الإنسان خلال تجاربه التصميمية للفراغات الداخلية المختلفة أن تکامل عناصر التصميم الداخلي يؤدي للتوصل إلى تصميم أفضل وأکثر راحة للشاغلين حيث تشترک مجموعة العناصر المکونة للعملية التصميمية لتتکامل مع بعضها البعض بما يحقق التوازن، وإذا ما فشلت العناصر في تحقيق التکامل مع بعضها فإن التضارب والفوضى واللا تماسک والإضطراب سيسود المکان.



[1] - سورة الإسراء أية 12