تعکس العمارة العديد من الأفکار والاتجاهات والأنشطة المجتمعية المختلفة لتصبح بذلک محصلة لمجموعة من المدخلات والمعايير التي تعبر عن الفکر الإنساني الذي يخدم البشرية في حاضرها ومستقبلها، لذلک تعتبر العمارة هي السجل الزمني والمرآة التي تعکس ثقافة وعادات وتقاليد والتقنيات المتاحة للمجتمع.
وتعتبر الاستدامة البيئية من المصطلحات الحديثة التي استخدمت على نطاق واسع وعلى کافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وحتى السياسية، وحيث کانت قضايا البيئة والعمران هي المحرک الأساس لهذا الفکر، فقد ظهرت على مدى السنوات الماضية العديد من المحاولات لتقنين وتطبيق هذا الفکر، على شکل أدلة ومعايير، وهو ماحاول البحث التعامل معه بدافع الاکتشاف والتأصيل.
بعد ذلک تم الانتقال إلى دائرة أصغر وأدق، وهي تشريح لأحد أشهر وأهم الأدلة والمعايير العالمية وهي معايير LEED (معايير في الطاقة والتصميم البيئي Leadership in Energy and Environmental Design)، والتي قننت مفهوم الاستدامة البيئية، بل فرضته کقانون في کثير من دول العالم، حتى وصل الإلزام بتطبيقه لبعض الدول العربية وغيرها، وبذلک تحقق جزء مهم من أهداف البحث، وهو استکشاف ما يهمنا من مفهوم الاستدامة.
ولکون البحث يهدف إلى مفهوم معاصر للاستدامة البيئية في العمارة الإسلامية، فقد تم اختبار "معايير LEED" مع مفاهيم وأساليب "العمارة الإسلامية".
ورغم صعوبة إجراء الاختبار بين نوعين مختلفين من البيانات؛ الأول منها محدد التفاصيل في 30 عنصرا، هي عناصر LEED، المغرق في التقنية الحديثة، بينما الآخر-الاستدامة في العمارة الاسلامية-عبارة عن مفاهيم وتطبيقات تحقق الاستدامة، في العديد من الکتب والدراسات، إلا أن إجراء هذا الاختبار قد أثبت أن العمارة الإسلامية قد تعاملت مع قضايا الاستدامة بکل اقتدار، وغطت معظم جوانبها.