تعاني مصر من ترکز اعمال التنمية والنمو في مساحات محددة لا تتجاوز10 % من مساحتها الکلية، وتم صياغة البحث بهدف تنمية المناطق الجبلية؛ التي تعتبر احد اهم المناطق التي لم ترتسم بها أي ملامح للتنمية من قبل، ويعتبر النشاط السياحي هو احد الأنشطة التي تتناسب مع ظروف تلک المناطق، ومن ثم استخدام الطاقة المتجددة کألية في تنميتها لتحقيق الاستدامة المنشودة في اعمال التنمية المختلفة. في ضوء ذلک الهدف تم في البداية التعرف على أهمية الجبال ومرودها الاقتصادي، تم الوقوف على البيئات الجبلية المختلفة في مصر؛ وذلک من اجل وضع مقترح استراتيجي لتنمية تلک المناطق بشکل مرجعي. تم التعرف ايضا على مفهوم الاستدامة السياحية واشکالها المختلفة المرتبطة بهذا المفهوم سواء کانت )سياحة بيئية او خضراء او تضامنية او مسؤولة او منصفة او ثقافية( ،بالإضافة الى التعرف على اهم اعتبارات الاستدامة، تم الوقوف على الطاقات المتجددة ومواردها واهم مميزاتها ومواردها المختلفة التي تتمثل في کل من الطاقة الشمسية -طاقة الرياح- الطاقة الکهرومائية -طاقة الکتلة الحيوية؛ وبالتالي تم دراسة استخدامات الطاقات المتجددة في تحقيق استدامة السياحة.
هذا وقد تم دراسة اهم موارد الطاقة المتجددة في مصر ، والتوجهات والتطلعات المستقبلية لاستغلال الطاقة المتجددة بمصر، ومعوقات استخدام الطاقة المتجددة بمصر، وأهم الإجراءات والسياسات التشجيعية لاستخدام الطاقة المتجددة وتفعيل دور القطاعين العام والخاص في دعم استخدام الطاقة المتجددة في السياحة.
في الأخير تم وضع تصور لاهم ملامح استراتيجية تنمية المناطق الجبلية في ضوء استغلال الطاقات المتجددة وفقا لتنوع البيئات المختلفة للمناطق الجبلية التي ذکرت في صدر البحث.
وقد خلص البحث الى عدة نتائج؛ أهمها: لم يعد الاستثمار في الطاقة المتجددة عالميا رفاهية أو ترفا، بل أصبح حاجة لابد منها اقتصاديا وبيئيا؛ ان مصر تزخر بمواقع جبلية متنوعة بيئيا وأثريا، وغنية جداً بموارد الطاقة المتجددة، وأهمها الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
مقدمة:
تشغل الجبال مساحة کبيرة من اليابسة، ويعتمد نصف سکان العالم على مواردها، کما يعيش فيها ملايين الاشخاص؛ ولقد تعلّم سکان الجبال على مر القرون کيفية العيش في البيئة الجبلية القاسية، حيث قاموا بتطويعها واستخدام کافة السبل للتعايش.
تعود أصول السياحة الجبلية أو سياحة المناظر الطبيعية إلى القرن التاسع عشر مع اکتشاف الجبل کمکان للاسترخاء وممارسة مختلف الرياضات الجبلية. حيث قال جون ميور*منذ أکثر من قرن ان للجبال قدرة على تحريک مشاعر الانسان؛ فالجبال المهيبة تولّد الرهبة في نفوسنا، وتسحرنا بتنوع الحيوانات التي تعيش في ارجائها، وتريحنا بسکونها. لذلک يقصد ملايين الاشخاص کل سنة المناطق الجبلية ينشدون فيها انتعاشا لنفوسهم ومتعة لأنظارهم. عرف هذا النوع السياحي بأوربا وذلک مع بداية إنشاء المنتجعات السياحية الجماعية في المملکة المتحدة مثل منتجعات “ساوثند" و"مارجيت". کما برز الاهتمام بالمناظر الطبيعية کوجهه اساسية للسياحة، فأصبحت مناطق مثل جبال اسکتلندا وجبال الألب السويسرية أماکن سياحية مهمة في أوروبا.
هذا ويتطلب الامر استخدام بدائل للطاقة التقليدية في تنمية المناطق الجبلية؛ إذ ربما يصعب توصيلها الى تلک المناطق، وکذلک من أجل الحفاظ على بيئة الجبال، حيث ان هناک ارتباط وثيق بين السياحة والبيئة، والذي من شانه تحقيق الاستدامة المنشودة من خلال استخدام الطاقة المتجددة بکافة مواردها المتنوعة. وهنالک تقدم ملموس في هذا المجال في کثير من دول العالم، التي باتت عندها عملية توفير بدائل للطاقة التقليدية امر حتمي. وفي مصر أصبح الامر في حاجة ماسة الى استغلال موارد الطاقات المتجددة التي تزخر بها وتفعيل تلک الطاقات في شتى مجالات التنمية وخاصة التي لها علاقة مباشرة بالبيئة الطبيعة مثل المناطق الجبلية للحفاظ عليها من التلوث وضمان بقاؤها للأجيال القادمة.