تعتمد الفلسفة الرئيسة لعملية القياس على أن ما يمکن قياسه يمکن إدارته. وتعتبـر عملية القياس من العمليات الصعبة في الإدارة، وتـزاد الصعوبات في عملية القياس عندما يکون في مجال الخدمات الحکومية، ولکي تتحقق کفاءة القياس، فإن الأمر يتطلب أن تکون هناک خطة واضحة وأهداف محددة يمکن وضعها موضع التنفيذ. والمشکلة التي تواجه المؤسسات ليست في صياغة الاستـراتيجية، ولکن في عملية التنفيذ، والتحدي الأکبـر من التنفيذ هو عملية التقويم، وتـزاد مشکلة التقويم صعوبة في المؤسسات الحکومية نتيجة ضعف التنسيق بين الأجهزة. وفي کثيـر من الأحيان يغيب التـراصف Alignment الذي يقصد به کيفية توجيه جهود جميع العاملين في المؤسسة نحو تحقيق الهدف، وتقليل التعارض بين طموحات الموظف وأهداف المؤسسة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أحيانا تتجاهل المؤسسات قيمة الأصول غيـر الملموسة، مثل الأصول البشرية والمعرفية والتنظيمية ودورها في تحقيق الإنتاجية. وتشيـر الدراسات التي جاءت في کتابات Kaplan and Norton إلى أن 75% من القيمة التي تحققها المؤسسة تأتي من الأصول غيـر الملموسة، بالإضافة إلى أن هناک الکثيـر من المؤسسات يغيب عنها مفهوم الرضاء العام، بالرغم من أهميته في تحقيق نجاح المؤسسات في الدولة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن هنا رکز البحث على تشخيص للوضع الراهن، وتحديد مراحل إعداد الخريطة الاستـراتيجية، ووضع منهجية مقتـرحة لتحقيق التوازن والتـراصف في المؤسسات الحکومية، من خلال توجيه جهود جميع العاملين في المؤسسة نحو أهدافها، والعمل بـروح الفريق، والمواءمة بين أهداف المؤسسة وأهداف الموظفين، والتکامل بين الأهداف الاستـراتيجية والأهداف التشغيلية، والاستخدام الأفضل للموارد المتاحة، بما يحقق أهداف المؤسسات، وتحقيق الرضاء العام الذي يعبـر عنه بمدى رضاء الجمهور عن جميع ما تقدمه مؤسسات الدولة من سلع وخدمات. ويوصي البحث بأهمية اتباع المؤسسات الحکومية للخرائط الاستـراتيجية في تنفيذ الاستـراتيجية طبقًا للرؤية المقتـرحة في البحث.