لم تحظ دراسة ظاهرة التعصب باهتمام کافٍ في الأدبيات العلمية في العالم العربي، وبالذات في حقل الإدارة، وهي ظاهرة مسکوت عنها في الفضاء العربي بما في ذلک البيئة الإدارية.
وتتمحور المشکلة البحثية حول افتقار الفکر الإداري للمکونات النظرية التي يمکن أن تعينه على الانتقال من مرحلة عدم الاعتراف بتلک الظاهرة – ومن ثم عدم مجابهتها وعلاجها – إلى مرحلة الاعتراف والتشخيص ووضع الحلول المناسبة لمعالجتها في المنظمات المعاصرة، والوقاية من کثير من بواعثها وأسبابها وآثارها السلبية بأسلوب إداري مقنن مع الإيمان بضرورة مواجهتها وفقًا للأطر الإدارية والتشريعية، ومراعاة العوامل المؤثرة على البيئة الإدارية العربية على وجه التحديد.
وتنبع أهمية هذه الدراسة بشکل رئيس من کونها تساهم في سد جزء من الفجوة البحثية في الفکر الإداري، وذلک باقتراح الإطار النظري الذي يعين ذلک الفکر على دمج ظاهرة التعصب ضمن منظومته المفاهيمية والنظرية والتطبيقية، وهي الدراسة الأولى من نوعها، حيث تتصدى لاقتراح بعض المکونات التأسيسية التي تعين الفکر الإداري على معالجة ظاهرة التعصب في المنظمات المعاصرة، وذلک بعد الاستعراض التحليلي النقدي للأدبيات والتجارب والممارسات العملية الملائمة.
وقد تم الخلوص في هذه الدراسة إلى تعريف علمي للتعصب وفقًا لمنظور إداري واقتراح بعض المکونات التأسيسية التي تعين الفکر الإداري على معالجة تلک الظاهرة، وقد شملت: مبادئ إدارية، وسياسات إدارية، وتشريعات إدارية، وإجراءات إدارية، وتدريبًا إداريًا؛ باستخدام المنهج التحليلي الاستقرائي الاستنتاجي، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.