إن الفکرة الأساسية التـي انطلقت منها المسؤولية الاجتماعية قبل ما يزيد عن 60 عاما کما طرحها الکاتب بويـن (1953) لا زالت ليومنا هذا تتمحور حول المسؤولية الطوعية لشرکات الأعمال التجارية تجاه قضايا محددة تهمّ المجتمع الذي يحيط بها. هذا، وبقي المفهوم يراوح مکانه ضمن تلک المنطقة الضيقة عبـر مراحل التطور المختلفة. إلا أن الواقع المعاصر، وما شهده ويشهده من تطورات کبيـرة، يفرض حتمية إعادة صياغة المفهوم ليستوعب ذلک العالم الأرحب من شبکة العلاقات التعاونية والمسؤوليات التبادلية بيـن مکونات الدولة والمجتمع الواحد داخليًا، إقليميًا ودوليًا.
لذا، تأتي هذه الدراسة لتقدم إطارا تصوريًا جديدًا مقترحًا للمسؤولية الاجتماعية، وتطرح توجهًا وتحولاً راديکاليًا جذريًا جديدًا لمفهومها وحدودها من «الاجتماعية التقليدية» الحالية إلى «المجتمعية الشبکية التعاونية التبادلية» المستقبلية. ذلک بالإضافة الى ما يتطلبه هذا التحول من وجود جهة عليا أو هيئة مرکزية منظمة محلية و/ أو إقليمية ودولية تعمل کمظلة للمسؤولية الاجتماعية. هذا، وقد دلّلت الدراسة على کيفية مواجهة ظاهرة التهديدات الأمنية کحالة تطبيقية باستخدام الإطار المقتـرح.
اعتمدت هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي وذلک من خلال اعتماد أسلوب استقراء ما توفر من الأدبيات النظرية في مجال المسؤولية الاجتماعية وعکس واقع تطورها بالمراحل الزمنية المختلفة. کما اعتمدت الدراسة التوجه البنائي الترکيبي التراکمي، کون هذا التوجه يناسب ما تطرحه الدراسة .