يمثل الفهم الصـحيح للثقافة التنظيمية بعدًا استـراتيجيًا في الأداء الفعال والجيد والصـحيح لإدارات المنظمات العامة، وفي عملية التفاعل الصـحـي بينها وبيـن وبيئتها الخارجية، وتحتاج المنظمات العامة إلى امتلاک ثقافة تنظيمية متميـزة، تتيح لها التمتع باحتـرافية عالية في القيام بواجباتها ومهامها الرئيسة في تلبية احتياجات المجتمع في إطار التـزامها بقيم ثقافية محددة تحقق توافق أنشطتها وسلوکياتها مع اتجاهات واحتياجات أفراد المجتمع، وبما ينعکس بالإيجاب على مستوى فاعليتها وأدائها العام، تتجسم الفکرة الأساسية لهذا البحث في بيان دور الثقافة التنظيمية في بناء منظمة فاعلة، إذ أن المنظمات ماهي إلا أنظمة ((Systems وهي على نحو خاص أنظمة مفتوحة (Open Systems) ينبغي أن تتکيف مع التذبذبات والتغيـرات البيئية المتنوعة في مختلف المجالات في ضوء إعادة تصميم بناءها الثقافي المتناسب مع أهدافها وغاياتها المستقبلية، فوفقًا لـ(Serrat, 2009:2) (ليست الأنواع الأقوى ولا الأذکى من المنظمات هي التـي تبقى، ولکن تلک التـي تکون ثقافتها التنظيمية أکثـر استجابة للتغيـر البيئي المتسارع )، لذلک ينقسم الاتجاه الأساسـي الذي تجـري مناقشته في هذا البحث إلى ثلاثة مستويات: الأول يـرکز على بيان مضمون کل من المنظمة والبنية المنظمية مع تحديد أهم الأبعاد المکونة لها، أما بالنسبة للمستوى الثانـي فيتمثل في توضيح بٌعد الثقافة التنظيمية کأحد الأبعاد الرئيسة للبنية المنظمية، والدور الذي يمکن أن تؤديه في تعزيـز فاعلية المنظمة، أما بالنسبة للمستوى الثالث فيتم في ضوئه التطرق إلى مفهوم المنظمة الفاعلة في إطار تحديد أهم العناصر المکونة لها على صعيد المنظمة العامة. وأخيـرًا تم الخـروج بعدد من الاستنتاجات والتوصيات، أبـرز الاستنتاجات أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب من إدارات المنظمات العامة الالتـزام بقيم ثقافية تتناسب مع محيط بيئة عمل الحالية، أما أبـرز التوصيات فهي ضرورة تعميق الوعي لدى مسئولي إدارات المنظمات العامة، وتـرسيخ قناعاتهم بأهمية هذا البعد التنظيمـي في توجيه صياغة أهداف واستـراتيجيات المنظمة.