كان الغزو المغولي أكبر الهجمات التي أصابت العالم الإسلامي ومزقت أوصاله الواهنة، ومن ثم ضياع المركزية السياسية، وسقوط الدولة العباسية، حاضرة الخلافة، وقتل الخليفة المستعصم بالله العباسي (640- 656ه/1242- 1258م)، ولم تقتصر النكبة على القضاء على الخلافة فحسب؛ بل قضت على التراث الإسلامي ومعالم الحضارة الإسلامية،  فكان غزوا مدمرًا لشتى مناحي الحياة، غير إنها لم تكن النهاية أبدًا: فإذا كان المسلمون فشلوا -في ذلك الوقت- في التصدي للقوى المغولية عن طريق الحرب، فقد استطاع من بقي من علمائها الانتصار على المغول فكريا، بل وترويضهم لخدمة العالم الإسلامي، والحفاظ على ما بقي من تراثه، بل نستطيع القول: انهم نجحوا في إحيائه من جديد، وكان من بين هؤلاء العلماء: الفيلسوف "نصير الدين الطوسي" (597- 672ه/1201- 1273م)، الذي كان بمثابة شاهد العيان على ما أصاب العالم الإسلامي خلال تلك الفترة، فقد عاصر تلك الأحداث والانقسامات، وشهد الخلاف والاختلافات، بل وعاش في بلاط المغول أنفسهم، واستطاع أن يساهم بما أوتي من علم وحكمة، وما أصابه من صراع بين المأمول والمفرض وما هو كائن وما يجب أن يكون، في إنقاذ العلم والعلماء وحماية التراث الإسلامي، وإدارة الصراع الحربي والفكري على حد سواء، وقد تم تقسيم البحث إلى: مقدمة وعدة محاور رئيسة، تتمثل في التعريف بالطوسي والعوامل المؤثرة في تكوينه الفكري، بينما يناول المحور الثاني الطوسي والصراعات المذهبية والعقائدية في قلاع الشيعة الإسماعيلية، ويأتي المحور الثالث للتحدث عن هيمنة الطوسي الفكرية على المغول وحماية التراث الإسلامي، وأخيرا يتناول البحث التراث الفكري الذي تركه الطوسي للعالم أجمع، وذيلت الدراسة بخاتمة حملت بين طياتها أهم النتائج، ثم ملاحق وقائمة حوت مصادر ومراجع الدراسة التيتم الاعتماد عليها.