تعتبر الأندلس الجسر الرابط بين الحضارة الغربية والحضارة العربية الإسلامية، وهذه المنطقة لو حددناها لغويا لوجدنا فيها عدة لغات عربية، وإفرنجية، وبربرية ....إلخ ففيها خليط من الأجناس البشرية، وخليط من اللغات، فلعل هذا من الأسباب الكثيرة التي جعلت البحث اللغوي يزدهر في هذه البلاد، فرغم الظروف السياسية القاهرة، ودفاعًا عن لغة القرآن الكريم، نجد الكثير من شيوخ الأندلس اهتموا بتدريس اللغة العربية؛ حفاظًا على الدين الإسلامي، والقرآن الكريم، وقد حبى الله العربية بعلـماء أجلاء حملوا مشعلها على مر العصور، وكان من هؤلاء العلماء عالم كـبير مـا درس علمًا إلا بـرّز فـيه، ولا تنـاول فناً إلا وُفِّق فيه، ذاع صيته، وطـوّفت في الآفـاق شـهرته، تصـدى للدرس فأفـاد، وتوجـه للتـأليف فأجـاد، عمَّ فضله، وتتابع أثره، فأفاد منه تلاميذه، وبقيت لنا كتبه وآراؤه، وكانت له انفراداته التي تشهد بعلو قدره ومكانته بين النحويين،  وقـد اسـتخرت الله تعالى، وجعلت دراســة (انفرادات السهيلي النحوية "دراسة تحليلية") عنوانًا لبحثي، وتتمثل أسباب اختيار هذا الموضوع فيما يلي: أولاً- لم تلق حياة هذا العالم كبيرَ اهتمام من الدارسين والباحثين قديمًا أوحديثًا. ولعل شهرة أقرانه في مجال العربية كابن خروف وابن عصفور كان لها أثر في ذلك، ثانيًا-الوقوف على فكر العلامة السهيلي، ونتاجه النحوي، والذي يتسم بالنظر الثاقب، وآرائه المستقلة، ومناقشاته الجادة لآراء النحاة ومذاهبهم، ثالثًا-الوقوف على آرائه النحوية التي انفرد بها بين النحويين، ودراسة هذه الآراء، وبيان جهده فيها، وقد دعت طبيعة الموضوع، وسير البحث أن يقسم إلى مبحثين تسبقهما المقدمة، وتعقبهما الخاتمة، وفهرس المصادر والمراجع، وقــد تعاونت مناهـج ثـلاثة في دراسة مسائل البحث، هي: المنهج الاستقرائي، والمنهج التاريخي، والمنهج التحليلي النقدي.