يتجه البحث لدراسة أفق من آفاق الإعجاز في نظم القرآن، وهو أفق يتصل بقرائن القرآن، أي جمله وفقراته، وما تشتمل عليه في جانبها «العددي»، أي «عدد الكلمات»، تشاكلًا، وامتدادًا، وانحصارًا، وبيان الارتباط بينها وبين فواصلها التي تتماثل، أو تتوازن، أو تتوازى، أو تتغاير فيما بينها وبين هذه القرائن؛ حتى يتم الالتقاء بينهما في نسق عجيب وفريد، مع اختلاف آفاق ذلك التنوع والتشاكل في السورة الواحدة بصورة يحكمها التناسب مع المعنى، والتلاؤم في النظم... وقد طبق البحث هذه الفكرة على سورة "الحاقة"، مبينًا بعض الدقائق البلاغية الكامنة وراء التشاكل والتنوع السابق فيها، كما أشار البحث إلى جهود البلاغيين في هذا الجانب، مع رؤيته أنها ركزت على الملحظ العددي لكلمات الجمل من حيث القصر والطول والتساوي، دون النظر فيما وراء ذلك من دقائق بلاغية إلا في مواضع قليلة، مع إشارتهم إلى أهمية هذا الجانب، وقد ارتأى البحث أن قرائن السورة وفواصلها يمكن أن تدرج في أحد عشر أفقًا، لكل أفق منها سماته وخصائصه في قرائنه وفواصله تبعًا للمعنى والسياق، وقد بين البحث بعض ما يحمله كل أفق منها من خصائص ولطائف تتصل ببلاغة القرآن الخاصة في هذا الجانب، مع الحرص على استقامة التأويل، وتجنب الشطط في التوجيه والتحليل، والاستشهاد بكلام أهل العلم، وتوثيق ذلك في كل موضع، ووضع جدول يتضمن إحصاءً شاملًا بقرائن السورة، وعدد كلماتها، وفواصلها، وبيان بعض جوانب التناسب والتلاؤم فيها.