كان القُرْآنُ الكَرِيمُ – ولايَزالُ – مَعينًا لا ينضبُ، يَستقِي منه المُتدبِّرون رَوائعَ البيانِ، وجَمَالِيَّاتِ الأُسْلُوبِ، وفُنون القولِ، وهذه الدِّرَاسَةُ خطوةٌ في سبيلِ استجلاءِ أحدِ أوجه جَمَالِيَّاتِ الأُسْلُوبِ القُرْآنيّ وتفرُّده؛ حيث تنهض الدِّرَاسَة الحالية حول تَحوُّل البنى الخبريّةِ لدلالات الجُملِ الإنشائِيَّةِ، بل قد تؤدِّي ما تؤدِّيهِ صيغُ الإنشاءِ، وخاصّة  الأمرَ والنّهيَ، ومن ثمَّ؛ تسعَى هذه الدّراسةُ إلى رَصْدِ البنى الأسلوبيّة الخبريّة  المتحوّلة لدلالات الأَمْر والنَّهْي  في الأساليبِ القُرْآنيَّةِ؛ فأدَّت إلى أحكام تَشْرِيعِيَّة متَنَوُّعةٍ؛ لذا يمكنا تسميتها الأساليبَ البديلةَ؛ لما لها من القُوَّة الإنْجَازِيَّة ذاتها للأَمْر والنَّهْي بمعناهما المحضِ والقاطع، وهنا مكمنُ الجمالِ والتفرد في الأُسْلُوب القُرْآنيّ؛ فكيف يرشح السِّيَاق القُرْآنيّ دلالاتٍ تصلُ إلى حدِّ التَّحْرِيم أو التَّحليلِ دون وجودِ ألفاظِ الأَمْرِ القَاطِعَةِ؟ أو تراكيب النَّهْي  الصَّارمة؟ تأسيسًا على ما تقدَّم؛ فإنَّ هذه الدِّرَاسَة تسعَى نحو الإجابةِ عن التَّسَاؤُلَاتِ الآتيةِ: هل استنبطَ العُلَمَاءُ والفقهاءُ الأحكامَ التَّشْرِيعيَّةَ في القُرْآنِ الكَرِيم من خلالِ أُسْلُوبي الأَمْر والنَّهْي؟ أم هناك بنى أُسْلُوبيَّةٌ أخرى متحوّلة أدَّت إلى أحكامٍ تَشْرِيعِيَّةٍ؟ وما أنواعُ تلك الأساليب المسمّاة بالبَدَائِل الأُسْلُوبيَّةِ؟  وهل تَنَوُّعت تلك الأحكامُ التَّشْرِيعيَّةُ وتدرَّجت مع تَنَوُّع تلك البَدَائِلِ؟ وهل ثمّة هناك عُمْقٌ جماليٌّ لها؟ وما الأبعادُ الجَمَالِيَّةُ التي تحملها فوق وظيفتها الإفهاميّة التّداوليّة؟