التَّنَمُّر مصطلح عربي في الأصل، ولكنه لم يطرق آذاننا كثيرا في الماضي؛ إما لأنه يحمل معنى الاعتداء بأنواعه، أو لأنه لم يصبح ظاهرة عالمية، أما اليوم فقد انتشر بصورة كبيرة، وأصبح مشكلة تُؤَرِّق المجتمعات، الأمر الذي جعل علماء النفس والاجتماع يتناولونه بالبحث والدراسة، وباطلاعي على ديوان ابن منير الطرابلسي لاحظت أنه من الممكن أن يكون مادة خصبة تنطبق عليها ظاهرة التَّنَمُّر، فهناك أسباب كثيرة أدت إلى تَنَمُّرِه على المحيطين به، فتتبعتها من خلال حياته وشعره، واستعنت بأقوال علماء الاجتماع، وقد اعتمدت في البحث على المنهج الاجتماعي، ومن أهم نتائج البحث: إن ابن منير ضحية عوامل نفسية واجتماعية كثيرة، أصابته بعقد نفسية آذته وآذت من حوله، وإن في شعره ألوانا مختلفة من التَّنَمُّر منها: تَنَمُّر الموقف، والتَّنَمُّر اللفظي والاجتماعي والمذهبي والذاتي، وإن القصيدة التَّنَمُّرِيَّة لها طابع فني خاص تتميز به عن غيرها من القصائد، إن أصل مصطلح التَّنَمُّر عربي وليس غربيا، فهو مأخوذ من نَمِرَ وتَنَمَّرَ أي أصبح شخصا غاضبا شرسا، والتَّنَمُّر اللفظي له أركان ثلاثة: التَّنَمُّر هو القول المؤذي الموجع المثير لسخرية الآخرين، والمُتَنَمِّر هو الشخص الذي يؤذي الآخرين بلسانه، والمُتَنَمَّر عليه( الضحية) الشخص الذي يقع عليه الإيذاء، إن من الأهمية بمكان وجوب معالجة المتنَمِّر بوصفه جزءا من المجتمع، فهو في رأيي ضحية تعرض لظروف قاسية لا ذنب له فيها، جعلته يؤذي نفسه والآخرين.