فإن دراسة "صورة الآخر" تعد من الموضوعات الحديثة في مجال الدراسات الأدبية، وقد توالت الدراسات في هذا المجال منذ عقود قريبة، ونظرا لجدة الموضوع، فقد أُختلف في نشأته، فزعم بعض النقاد والباحثين أنه فن غربي النشأة، والحق أن الواقع يخالف ذلك ويرفضه، فقد سبق القرآن الكريم بالحديث عن الآخر منذ أمد بعيد، كما ورد ذلك في كثير من آياته البينات، وقد أشار هذا البحث إلى ذلك في لمحة خاطفة في ثنايا التمهيد،‏ وموضوعنا الذي يتناول "صورة الآخر في ديوان ألحان الأصيل لعلي الجندي" يبدو مهمًا ولافتًا؛ لأنه يفصح عن تجربة جديدة، ويتكفل ببيان الخصائص الثقافية والاجتماعية والفكرية والدينية التي تحكم فكر الذات أو الأنا، كما يتكفل ببيان الصفات الفاضلة التي يؤثرها الناس في الآخر، والصفات التي تكون سبباً في نفرة الناس منه، وبالتالي فإن دراسة هذا الموضوع تعد اختبارا للأنا والآخر، وتجسيدا صادقا لخصائصهما في آن واحد، وقد جاءت هذه الدراسة في: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، ثم فهرس للمصادر والمراجع، وآخر للموضوعات. وقد انتهى البحث  إلى عدة نتائج، منها: أن المقصود بالآخر في هذا البحث هو المصري المغاير للأنا أو الذات، وأن الآخر قد ظهر في شكلين، وهما: الآخر الرفيع، والآخر الوضيع ، وأن التشكيلات اللغوية والتعبيرية كان لها دور فاعل في تجسيد صورة الآخر بوضوح، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، هذا، وموضوع دراسة الآخر هنا من الأهمية بمكان؛ لأنه يمثل ثروة أدبية كبيرة تُثري المكتبة الأدبية بكثير من الألفاظ والعبارات العربية المعبرة، والصور الفنية الشائقة التي تجسد الآخر في صورة رفيعة
أو وضيعة .