m ﻣﻘﺪﻣﺔ
اﻟﺣﻣد رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن، واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ أﻓﺻﺢ ﻣن ﻧطق ﺑﺎﻟﺿﺎد " " وﺑﻌد – ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم –ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد ﻓﺎﻟﺷﻌر ﻓن اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻷول، وأﻛﺛر ﻓﻧون اﻟﻘول ھﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻷدﺑﻲ ﻋﻧد اﻟﻌرب ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻰ ﻋﺻورھﺎ اﻷوﻟﻰ؛ ﻟﺳﮭوﻟﺔ ﺣﻔظﮫ وﺗداوﻟﮫ، وﻗد ﺷﺎرﻛﺗﮫ ﻓﻲ اﻷھﻣﯾﺔ ﺑﻌض اﻟﻔﻧون اﻷدﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ﻛﺎﻟﺧطﺎﺑﺔ. وﺑﻌد ﺗطور اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻧﺗﺷﺎرھﺎ، واﺗﺻﺎل اﻟﻌرب ﺑﻐﯾرھم، دﺧﻠت ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻔﻧون اﻷﺧرى اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺛر ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﺗﺳﺎھم ﺟﻧﺑﺎ إﻟﻰ ﺟﻧب ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺗراث اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ. وﯾﻌد اﻟﺷﻌر وﺛﯾﻘﺔ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﺣوال اﻟﻌرب وﺑﯾﺋﺎﺗﮭم وﺛﻘﺎﻓﺗﮭم وﺗﺎرﯾﺧﮭم وﯾﻠﺧص ذﻟک ﻗوﻟﮭم" :اﻟﺷﻌر دﯾوان اﻟﻌرب "، وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻷدب ﺑﻌﺎﻣﺔ واﻟﺷﻌر ﺑﺧﺎﺻﺔ ﯾﻧﻔذ إﻟﻰ أﻋﻣﺎق اﻟذوق واﻟﺣس اﻟﻣرھف ﻟدى اﻟﻣﺗﻠﻘﻰ، ﻟذا ﻓﻼ ﯾدرک ﻗﯾﻣﺗﮫ وﻻ ُﯾﺣس ﺑﺑﯾﺎﻧﮫ ﺳوى أﺻﺣﺎب اﻟذوق اﻟرﻓﯾﻊ، واﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ، ﺣﯾث إن اﻷدﯾب ﯾﺷﺑﮫ اﻟﻧﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠک اﻟدرﺑﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻻﻣﺗﺻﺎص اﻟرﺣﯾق ﻣن ﺛﻐور اﻷزھﺎر وﻣن ﺛم إﻋﺎدﺗﮫ ﺷﮭدا. ﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠق اھﺗم اﻟﺑﺎﺣﺛون ﺑﺎﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ ﺷﻌرا وﻧﺛرا ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌﺻور اﻷدﺑﯾﺔ، ﻓﺎﻷدب إذا ﺟﮭد ﺑﺷري، ﯾﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﯾﺗﺄﺛر ً ﺑﮭﻣﺎ وﯾؤﺛر ﻓﯾﮭﺎ وﯾﺻطﺑﻎ ﺑﻠوﻧﮭﺎ. ﻟذا ﻓﻘد اﺳﺗﺟﺎب اﻟﺷﻌر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻣﺟرﯾﺎت اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ﻋﺻورھﺎ اﻷدﺑﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، ﻓوﻗف ﻣﻧﮭﺎ ﻣوﻗﻔﺎ إﺻﻼﺣﯾﺎ، دﻋﺎ ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎدات اﻟﺑﺎﻟﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌرﺑﻲ وﻋﻠﻘت ﺑﮫ ﺧﻼل ﻓﺗرات اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺗﻼﺣﻘﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻗﺑل اﻟﻧﮭﺿﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ، وﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﻣﺧﻠﻔﺎت اﻟﻔﺗرة اﻟﻣظﻠﻣﺔ.
﴿٣٦٢﴾
ﻓدﻋوا إﻟﻰ ﻓﺗﺢ اﻟﻣدارس واﻟدﻋوة إﻟﻰ دﺧوﻟﮭﺎ ﺑﻧﯾن وﺑﻧﺎت، وذم اﻟﺗﻌﺻب اﻟﻘﺑﻠﻲ واﻹﻗطﺎع اﻟذي ﺟﺛم ﻓوق ﺻدور اﻟﻧﺎس، واﻧﺗﻘدوا اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻼھﯾﺔ، واﻟﺗﻔﻛک اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺗﻛﺎﻟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة، واﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺳﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺊ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﯾدة واﻷﺧﻼق واﻟﻌﺎدات، وﺗﻠﺣق ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن اﻷدواء ﻣﺎ ﯾﻘوض دﻋﺎﺋﻣﮫ، إذا ﺗرﻛت ﺗﻌﻣل ﻋﻣﻠﮭﺎ اﻟﻣدﻣر ﻓﻲ ﻛﯾﺎﻧﮫ. ﻟذا أردت أن ﯾﻛون اﻟﺷﻌر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ھو ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻲ اﻟذي ﻗﻣت ﺑدراﺳﺗﮫ ﻋﻧد اﻟﺷﺎﻋر "ﻣﺣﻣد ﺑظﺎظو "ﻓﻲ دﯾواﻧﮫ "ﻓﯾض اﻟﺷﺟون." وﯾﻌد ھذا اﻟﺑﺣث أول دراﺳﺔ ﻋن اﻟﺷﺎﻋر "ﻣﺣﻣد ﺑظﺎظو "ﻓﻠم ﯾﻛﺗب أﺣد ﻋﻧﮫ ﻣن ﻗﺑل. وﻗد ﺟﺎءت ﺧطﺔ اﻟدراﺳﺔ ﻣﺷﺗﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻵﺗﻲ: اﻟﺗﻣﮭﯾد :وﻓﯾﮫ ﻋرﺿت ﻟﻠﺷﺎﻋر ﺳﯾرة وﺣﯾﺎة، ﻣﺗﻧﺎوﻻ ﻧﺷﺄﺗﮫ وﺗﻌﻠﯾﻣﮫ –أوﻻ ووظﺎﺋﻔﮫ، وﺻﻔﺎﺗﮫ وأﺧﻼﻗﮫ وﻧﺗﺎﺟﮫ اﻟﺷﻌري. ﺛم ﺧﺗﻣت اﻟﺗﻣﮭﯾد ﺑﺎﻟﺗﻌرﯾف ﺑﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﺑﺣث ﻣﺛل :اﻷﻣﺔ، واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ، وﻣﻔﮭوم اﻟﺷﻌر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ. . اﻟﻔﺻل اﻷول وﻋﻧوﻧﺗﮫ" :ﺑﺎﻟدراﺳﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ :وﻓﯾﮫ ﻣﺑﺣﺛﺎن –ﺛﺎﻧﯾﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول .وﺟﻌﻠﺗﮫ ﺧﺎﺻﺎ ﺑﻧﻘد "ﺑظﺎظو "ﻟﻠظواھر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﻣﺛل" :ھﻣوم اﻷﻣﺔ، واﻟﻌداوة واﻟﺧﺻﺎم، وإھﻣﺎل اﻟﺷﺑﺎب، واﻟﺗﻘﺻﯾر ﻓﻲ زﯾﺎرة اﻟﻣرﯾض، واﻟﺗﺣﯾﺔ، واﻟدﺟل واﻟﺷﻌوذة، وﻣواﻟد اﻷوﻟﯾﺎء، واﻟﺟرﯾﻣﺔ، واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ. واﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ "ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟظواھر اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ"، وﻓﯾﮫ ﻋرﺿت ﻟﺗﺷﺟﯾﻊ "ﺑظﺎظو "ﻟﻠظواھر اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺛل "دور اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، واﻟﺣث ﻋﻠﻰ اﻟزواج، واﻹﺷﺎدة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ، واﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻊ اﻟزﻣﻼء، واﻹﻧﺟﺎزات اﻟﺗﻲ ﺗﻣت ﻓﻲ ﻗرﯾﺗﮫ." واﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻋﻘدت ﻓﯾﮫ دراﺳﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣن ﺣﯾث :اﻟﺷﻛل واﻟﻣﺿﻣون، واﻷﺳﻠوب، واﻟﻣوﺳﯾﻘﻰ، واﻟﻌﺎطﻔﺔ، واﻟﺻورة اﻟﺷﻌرﯾﺔ، واﻟوﺣدة اﻟﻌﺿوﯾﺔ .
﴿٣٦٣﴾
ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎﺣﻲ اﻹﺑداع ﻓﻲ ﺗﺻوﯾر ھذه اﻟﻌﺎدات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ، ﺛم ﻛﺎﻧت اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ وﻓﮭﺎرس اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ .ﺧﺗﺎﻣﺎ ﻟﮭذا اﻟﺑﺣث. أﻋﻠم ﺑﻣﺎ ﺑذﻟﺗﮫ ﻣن ﺟﮭد ﻓﻲ ھذه اﻟدراﺳﺔ – ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ – وﺑﻌد :ﻓﺎ اﻟﻣﺗواﺿﻌﺔ، ﻓﺈن أﻛن ﻗد وﻓﻘت ﻟﻣﺎ ھدﻓت إﻟﯾﮫ ﻓﺑﻔﺿل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ وﺣﺳن ﺗوﻓﯾﻘﮫ، وإن ﻛﺎﻧت اﻷﺧرى ﻓﺣﺳﺑﻰ أﻧﻧﻲ ﻟم أدﺧر ﺟﮭدا وﻻ وﻗﺗﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل اﻧﺟﺎز ھذا اﻟﺑﺣث، وﻻ ﯾﻛﻠف ﷲ ﻧﻔﺳﺎ إﻻ وﺳﻌﮭﺎ، وﻣﺎ ﺗوﻓﯾﻘﻲ إﻻ ﺑﺎ ﻋﻠﯾﮫ ﺗوﻛﻠت وإﻟﯾﮫ أﻧﯾب.