الحمد لله الذي أنزل على عبده الکتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تحمل عنت المشرکين وجحودهم، ومع ذلک دعاهم بالحکمة والموعظة الحسنة کما أمره ربه، وعلى آلــه وصحبه الأطهـار الأبرار ومن سلک سبيلـهم واقتفى أثرهـــــم بإحسان .
وبعد،،،
فهذا بحث متواضع يدور حول ست آيات من کتاب ربنا، بينها رحم حميم من حيث اللفظ ومن حيث الموضوع، أما رحمها من حيث اللفظ فيتمثل في صدرها، حيث بدأت جميعها بقوله تعالى: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﮊ وأما رحمها من حيث الموضوع فيتمثل في نقلها صورة حسية لما کان يعتري المشرکين عندما تتلى عليهم آيات الله البينات، سواء کان رد فعلهم عند سماع القرآن قولا أو فعلا أو صفة نفسية تعتري وجوههم.
والواقع أن القوم على الرغم من شهرتهم بالبيان، وعجزهم عن معارضة القرآن، إلا أنهم کانوا يکابرون ويعاندون عندما يتلى عليهم، فتراهم يطالبون رسول الله بتغييره أو تبديله، وربما سخروا منه ومن أتباعه معيرين لهم بفقرهم ورثاثة هيئتهم، کما تراهم وقد تغيرت وجوههم النکراء فرقا من آيات الذکر الحکيم، وربما يهمون بالسطو بمن يتلو عليهم القرآن ،وتراهم کذلک يثيرون نعرة صدهم عن دين آبائهم ومن ثم يصفون القرآن بالکذب والسحر، وتارة تراهم يهربون من المواجهة الحاسمة بتعجيز النبي والمؤمنين بطلب إحياء آبائهم إن کانوا صادقين.
إنها محاولات العاجز ومهاترات المتردد وردود أفعال العابثين الهازلين.
وقد وقع اختياري لهذا البحث لما بين آياته من رحم في اللفظ والموضوع کما سبق، فأردت أن أبرز تعدد المقامات البلاغية مع لحمة النسب القوية بين الآيات، ثم مايترتب على ذلک من تنوع الجواب والرد واختلاف النظم.
وقد سرت في بحثي وفق المنهج التحليلي المتتبع لخصائص النظم وسمات الکلام.
وجاءت خطة البحث في مقدمة ودراسة کاشفة للمقامات البلاغية للآيات وخصائص نظمها من خلال التحليل البلاغي، ثم جاءت الخاتمة فذکرت فيها أبرز النتائج التي أسفر عنها البحث ، ثم ذيلت البحث بثبت للمصادر والمراجع ، وفهرس للموضوعات.
تحدثت في المقدمة عن أهمية الموضوع وأسباب اختياره ومنهج البحث والخطة التي سرت عليها .
ثم عرضت الآيات قبل البدء بدراستها لتکون مجملة بين يدي القارئ.
وجاءت الدراسة البلاغية للآيات الست، مشتملة على ستة مقامات درست کل آية في مقامها، وبينت المقصد الأعظم من السورة التي تنتمي إليها، ثم علاقة الآية بمقصد السورة، ثم علاقة الآية بما قبلها ثم شرعت في التحليل البلاغي .
وقد بدا لي أن أتبع تلک الآيات الست بآيتي الأنفال ولقمان، الأولى منهما بدأت بقوله تعالى: ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ[الأنفال: ٣١] بدون «ﭕ» والثانية بدأت بقوله تعالى: ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ[لقمان: ٧] بإفراد الضمير في «ﮆ» وبإسقاط «ﭕ»