يعد الشاعر محمد الفهد العيسى من شعراء الأصالة والتجديد في الشعر السعودي، فقد عاصر النهضة الحضارية الحديثة في السعودية من بداياتها، وانطلق في فضاء التجديد الشعري متکئاً على أُسّ من التراث متين. ولد في مدينة عنيزة في المملکة العربية السعودية عام 1346ه-1927م، ونشأ وتربى في الحجاز، ثم ظل متنقلاً بين العديد من الأماکن داخل السعودية وخارجها تبعاً لعمله الوظيفي. توفي في الرياض عام 25/9/1434ه-2/8/2013م رحمه الله.
شاع شعر القلق والتشاؤم والاغتراب في العصر الحديث أکثر من غيره، وحاز على نسبة عالية من شعر العيسى. لذلک سيرکز هذا البحث على هذا الجانب من شعره؛ ليکشف عن بعض حقائقه وخفاياه تحت خمسة أقسام، هي:
أولا: تمهيد يشتمل على تعريف بالقلق والاغتراب، وأسباب کثرتهما.
ثانيا: أسباب قلق العيسي واغترابه.
ثالثا: مظاهر القلق والاغتراب عند العيسى.
رابعا: هروب العيسى من القلق والاغتراب.
خامسا: الخاتمة.
أولا- تعريف القلق والاغتراب، وأسباب کثرتهما.
القلق والاغتراب والحيرة والتشاؤم، أمراض فتّاکة، إذا استشرت في المجتمع شلّت أرکانه، وأهدرت طاقاته، وهمَّشت عباقرته، وقتلت مواهبه، فلا تکاد ترى إلا منعزلاً أو هارباً أو عابساً أو ثائراً، ولا تکاد تسمع إلا نشيجاً وأنيناً وتأوُّهاً وصراخاً.