هذا البحث يتناول بالتحليل البعد الأيديولوجي في "رواية صديق قديم جدًا" لإبراهيم أصلان، من خلال امتزاجه بملامح الوصف وتقنيات السرد التي تسهم في إبراز البعد الأيديولوجي داخل الرواية سواء أکان وصف الشخصيات أو المکان أو غيرها من العناصر الرئيسية. إن الارتکاز على الأبعاد الفکرية المتضمنة في الوصف يمثل مرتکزا جيدًا للتعامل مع التضافر الوصفي بين الجمالي والفکري، والبنى والدلالة، وذلک لأنه في سياق نصنا کان "الوصف" وما اتسم به من کثافة وتنوع ومراوغة في نواحي النص المتنوعة، کان بمنزلة البؤرة المرکزية التي تتلاقى فيها بوصلة التعبير، وتتجمع فيها مصفاة أسلوب الکتابة.
يکشف العکوف على تحليل العلاقة بين الفکري والوصفي في الرواية عن جانبين على درجة کبيرة من الأهمية، وهما ظاهرة النمذجة الاجتماعية للشخصيات والأماکن، وکافة مکونات السرد، التي تجعل منه سردًا عن المعتاد والمألوف وليس سردًا يقوم على تغريب الواقع، بل محاولة الاقتراب منه بوصفه عالمًا معيشًا، وواقعًا محتملًا، وسردًا عن اليومي، والخاص، فتلون السرد بلون الذکرى، وتحرکت مفاصله في ضوء السرد الاستعادي. ومن جانب آخر، نرى في جميع أرجاء النص، ميلًا واضحًا، للاسترسال، والإطناب، وإلحاحا على وصف التفاصيل بدقة، کأنها کتابة تسجيلية، تخاف من هرب الصور، والشخصيات، والأماکن، بل تحتفظ بها في حيوية حرکتها ضد عوادي الزمن والنسيان.