يقدّم هذا البحث قراءة نقديّة مقارنة بين الأدب الأيرلنديّ متمثّلاً في رواية "ليست ثمة حياة أخري" (1993) للکاتب ايرلنديّ المولد کنديّ الجنسيّة برايان مور (1999-1921) والأدب المصريّ من خلال رواية "الخالديّة" (2006) للقاصّ المصريّ محمّد البساطيّ (2012-1933) في ضوء نظريّة الواقعيّة السّحريّة (Magical Realism)، فعلي الرّغم من أنّ کلا من هاتين الروايتين نتاج سياق ثقافيّ وسياسيّ مختلف کليّاً وجوهريّاً، إلا أنّهما تشترکان معاً في تقنية واحدة: توظيف الواقعيّة السّحريّة وفن السّرد الخياليِ لمعالجة کلِّ ما هو واقعيّ من خلال سبر أغوار عوالم غريبة يرتحل إليها خيال الفنان الجامح. غير أنّ القراءة اللّصيقة لهذين العملين تؤکّد من الوهلة الأولى أنّ الکاتبين اعتمدا علي ثيمة واقعيّة سحريّة ، ثيمة تمزج الواقع بالخيال؛ لتقدم شخصيّات سياسيّة حقيقيّة تقطن أماکن غريبة لا أثر لها في الوجود، وأزمنة خياليّة تنتقد الأوضاع السياسيّة والاجتماعيّة لعصور وحِقب تاريخيّة، حيث ينصهر الواقع التّاريخيّ والسياسيّ معاً في بوتقة واحدة مع کل ما هو خياليّ سحريٍ، يوظّف مور جزير جاني (Ganae) الخياليّة؛ لخلق واقعٍ سحريٍّ يعکس التّاريخ السياسيّ المرير لدولة "هايتي" إبّان حکم جان برتران أريستيد، بينما يوظّف البساطيّ مدينة الخالديّة الخياليّة لبلورة الظّلم الاجتماعيّ الّذي عاني منه المصريّون إبّان حکم الرّئيس المصريّ المعزول محمّد حسني مبارک، ولتحقيق هذا الهدف الجماليّ اعتمد کلاً من مور والبساطيّ علي أساليب فنيّة واقعيّة سحريّة؛ لرسم صورة جرافيّة تؤکّد أنّ کلا النّصّين يحملان أجندة ثوريّة تحارب الفساد والاستبداد أينما کانا.