يهدف هذا البحث إلى الحديث عن العلة النحوية عند الأخفش الأوسط وإبراز ملامح التجديد والتطوير فيها, والتي لم يُلقِ عليها العلماءُ الضوء کما فعلوا مع سابقيه ولاحقيه, خلال القرن الثاني الهجري.
ثم البحث عمن تأثروا بالأخفش الأوسط ممن جاءوا بعده من تلامذته من مُتقدمي هذا المذهب الکوفي الذين عاصروه, أو جاءوا بعده, وأخذوا عنه, وغيرهم من علماء هذا الفن, نظرًا لاعتماد کثيرٍ منهم على آراء الأخفش وعلله النحوية في ضبط خلافهم مع نحاة البصرة.
وتمضي الروايات التي تؤکد لنا صلة علماء المذهب الکوفي بالأخفش, بل وحبهم له, والولوع بآرائه وعلله, وخاصة الکسائي والفراء, بل إنَّهما سارا على نهجه في تأليفهما لکتابين يحملان نفس الاسم( معاني القرآن), ثم اهتمام الکسائي الشديد بأن يقرأ عليه کتاب سيبويه, ليس مرة واحدة, بل مرتين؛ لأنه يعلم يقينا أنَّه عالم کبير, وأنَّه هو الطريق الموصلة إلى فهمه وشرحه.
وقد تناول هذا البحث کثيرًا من علل الأخفش التي کان له مظاهر واضحة للتجديد فيها, مما جعل متقدمي مذهب الکوفة يسيرون خلفه ويقتفون خُطاه متأثرين بتلک العلل؛ والتي کان من أبرزها العلل التي تعتمد على السماع, وهناک علل أخرى متفرقة ستُلحظ من خلال البحث.