تناولت هذه الدراسة مکة المکرمة ومدينة دمشق، من خلال رحلة ابن جبير، وقد رکز البحث على جانبين هما العمارة الدينية والأسواق والسلع التجارية وما يلحق بها من مرافق في المدينتين، وتعد هذه الرحلة أصدق مرآة للعصر الذي عاش فيه صاحبها، حيث إن ما کتبه يعدُّ مصدرا مهماً من مصادر مکة المکرمة ومدينة دمشق في القرن السادس، وما تحويه المدينتان من آثار وعمائر دينية ومدنية وأسواق تجارية، کان وصف ابن جبير للأماکن الدينية أکثر تفصيلا کما سيتضح في البحث لاحقا. فهو يصف المسجد الحرام وصفا دقيقاً، لا يترک فيه صغيرة ولا کبيرة. ويصف داخل الکعبة المشرفة بدقة متناهية، فقد أمضى مدة طويلة نسبيا بمکة أتاحت له دخول الکعبة عدة مرات والتدقيق فيها، وکذلک فقد اهتم بدمشق اهتماما کبيرا وعدَّها جنة الشرق، وتحدث عن تفاصيل کثيرة لهذه المدينة حتى تربتها التي سئمت کثرة الماء حتى اشتاقت للظمأ على حد قوله، وأسهب في وصف الجامع الأموي في دمشق وما يلحق به من مرافق ومقصورات وقباب وأبواب ودور للأيتام وغير ذلک من آثار ومشاهد المدينة.