يتضح من خلال دراسة العوامل الجغرافية المؤثرة في حرکة التجارة السلعية بين مصر ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تعدد تلک العوامل بين العوامل الطبيعية والبشرية التي تتکامل وتتفاعل مع بعضها البعض، فقد أثر الموقع الجغرافي لمصر في قلب العالم العربي والجوار الجغرافي مع دول المجلس کتکتل اقتصادي بصفة عامة ومع المملکة العربية السعودية بصفة خاصة والتي لا يفصلها عن مصر سوى البحر الأحمر إلى تنشيط حرکة التبادل التجاري. کما تتعدد وتختلف موارد الثروة الطبيعية من موارد مائية، ومناخ، وتربة، وموارد الطاقة والثروة المعدنية في مصر وکلاً من دول المجلس، حيث تتميز مصر بوجود نهر النيل کمصدر دائم للمياه حيث بلغت حصيلة مياه النهر 55.50 مليار متر³/السنة بنسبة 72.6% من إجمالي حصيلة الموارد المائية في مصر، بالإضافة لوجود تربة فيضية خصبة ومناخ معتدل مما يساعد على قيام نشاط زراعي، وهذا ما تفتقده دول المجلس حيث لا يوجد مورد دائم للمياه بينما تعتمد على الأمطار والسيول في المقام الأول 172853.4 بالمليون متر³/السنة بنسبة 83.3% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في دول المجلس والتي تُعرف بتذبذبها من عام لأخر ومن فصل لأخر ومن ثم يتذبذب الإنتاج الزراعي خاصة أن المناخ الصحراوي هو السائد والتربة صحراوية؛ ويترتب على ذلک نشاط حرکة الصادرات المصرية من المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية إلى دول المجلس لسد احتياجات سکانها. ومن حيث موارد الطاقة والثروة المعدنية فتتميز دول المجلس بأنها دول نفطية مما يؤثر على حرکة صادراتها لمصر، بالإضافة لتنوع المعادن الفلزية واللافلزية في مصر ودول المجلس مما يؤثر على حرکة التبادل التجاري فيما بينهم. ويُعد السکان من العوامل الجغرافية البشرية الرئيسية المؤثرة على حجم وقيمة الصادرات والواردات نظراً لتزايد أعداد السکان في مصر فقد بلغ عدد السکان عام 2015م نحو 88.9 مليون نسمة بعد أن کان 43.9 مليون نسمة عام 1981م، وفي دول المجلس تزايد عدد السکان وقدراتهم الشرائية فقد بلغ عددهم عام 2015م نحو 51.1 مليون نسمة بعد أن کان 13.6 مليون نسمة عام 1981م وزيادة حجم سکان الدول المتفاعلة تجارياً يزيد من حجم التبادل التجاري بينهما. کما أن الإنتاج النباتي والحيواني والسمکي والإنتاج الصناعي يختلف بين مصر ودول المجلس وفقاً للنشاط الاقتصادي وبناءً على عدد السکان واستهلاکهم يتم تحديد وجود فائض أو عجز في الإنتاج، وبالتالي تتأثر حرکة التجارة السلعية فيما بينهم. کما تتوافر وسائل النقل المختلفة (البري، والبحري، والجوي) في مصر ودول المجلس خاصة النقل البحري الأقل تکلفة مما يسهل من حرکة التبادل التجاري بين دول الدراسة، ويستأثر بنسبة 76.2% من إجمالي حجم التجارة المتداولة. واتجهت مصر لعقد اتفاقيات تجارية تفضيلية في صورها المختلفة مع دول المجلس وقد ساعدها على ذلک التقارب الجغرافي، وضخامة حجم السوق، وتنوع الموارد الطبيعية والمادية، وعنصر اللغة والروابط التاريخية والسياسية اللازمة، وبالرغم من تطور حرکة التجارة السلعية منذ نشأة المجلس وحتى عام 2015م إلا أن ما أسفرت عنه مثل هذه التجارب من النجاح کان متواضعاً للغاية.