تتشارک جملة من العوامل والآليات في إحداث التعرية (المتسارعة) في منطقة الدراسة، وجعله أکثر وضوحاً وأشد أثراً في منطقة ما دون غيرها، فإلى جانب العوامل الطبيعية المتمثلة في المناخ والغطاء النباتي والتربة والتضاريس تتواجد عوامل بشرية کالتوسع الزراعي والرعي والقطع والحرائق ونظام استخدام الأرض وهي جميعاً عوامل تزيد أو تقلل من حدوث التعرية حيث تعمل بشکل متکامل ومترابط، وتصنف هذه العوامل في العادة في ثلاث مجموعات هي (الطاقة والمقاومة والحماية)، وتساهم مجمل العوامل الطبيعية في خلق بيئات هشة وحساسة بدرجة شديدة لمسببات التعرية في منطقة الدراسة ذات المناخ الجاف وشبه الجاف، خاصةً في ظل الاستخدام البشري الجائر، ونظراً لوقوع منطقة الدراسة في إقليم انتقالي ما بين البحر والصحراء، الأمر الذي جعلها أکثر عرضة لحدوث التقلبات المناخية سواء الشهرية أو الفصلية أو السنوية، ومنها الاضطرابات الإعصارية، وما ينتج عنها من سقوط کميات کبيرة من الأمطار في وقت واحد، ويعتبر المناخ من أهم عناصر البيئة الطبيعية التي تحدد إمکانيات الإقليم الطبيعية والبشرية کنتيجة لتفاعل عناصر المناخ مع بعضها البعض من علاقات تؤدي إلى تسيير عملية النظام المناخي الذي يؤثر بدوره في تنوع الحياة في الإقليم بصفة عامة^([1]).
ولقد أدى تذبذب کميات الأمطار من سنة إلى أخرى وهطولها بشکل إعصاري تزامناً  مع ضعف في الغطاء النباتي وسيادة الترب غير المتطورة إلي وجود العديد من الأنظمة البيئية الهشة والحساسة لأي تغييرات، ولذا بقيت تلک الأنظمة رغم تلک الظروف في توازن حرج مع الظروف القائمة عبر التاريخ الطويل، حيث کان عدد السکان قليل وأنشطتهم محدودة، وحينما زاد عدد السکان حديثاً وزادت إمکانياتهم التکنولوجية واتسعت أنشطتهم وزاد معدل استغلالهم للموارد الطبيعية مع تضافر سوء الإدارة إلى الإخلال بالأنظمة الإيکولوجية وتوازنها مما هيأ الفرص للآثار السيئة للعوامل المناخية والتي ازداد تأثيرها وفاعليتها في امتداد ظاهرة التصحر والمشکلات البيئية الناتجة عنه، ومن ضمنها مشکلة التعرية^([2]).



([1]) إبريک عبد العزيز بوخشيم، "دورات الجفاف واحتمالات الأمطار في النطاق الشمالي الشرقي للجماهيرية"، ندوة الوقاية من الکوارث الطبيعية والتخفيف من آثارها، قسم الجغرافيا، جامعة قاريونس، مارس 2006م، "ملخص البحث".


([2]) محمد الخش، "التصحر وتأثيره على الأمن الغذائي"، مجلة عالم الفکر، المجلد السابع عشر، العدد الثالث (أکتوبر – نوفمبر – ديسمبر 1986م)، ص ص68-69.