کانت الرِّوايةُ - ولا زالتْ - تُمثِّلُ أساساً مهمَّاً في تنوُّعِ الدِّراساتِ , والمباحثِ المتعلِّقةِ بالحديثِ الشَّريفِ ؛ لما لها من أثرٍ في تعدُّدِ الوُجوهِ النَّحويَّةِ , واختلافِ المعاني والدَّلالاتِ , إلى التَّبايُنِ في المقاصدِ الفقهيَّةِ , والمطالبِ الشَّرعيَّةِ , وغيرذلک من أوجُهِ التَّبايُنِ والاختلافِ .
وقد کانَ من مظاهرِ اختلافِ الرِّوايةِ , وتعدُّدِها في ألفاظِ الحديثِ أنْ بدتْ آثارُها واضحةً في تعدُّدِ الأوجهِ الإعرابيَّةِ للتَّراکيبِ النَّحويَّةِ الَّتي اشتملتْ عليها ألفاظُ الحديثِ , وعباراتُهُ , وقد حفلتْ بذلک کتبُ شرح الحديثِ وعلومه . وبما أنَّ القواعدَ النَّحويَّةَ تُتيحُ مثلَ هذا التَّغيُّرِ في الأوجُهِ الإعرابيَّةِ , ولا حرجَ في تغيُّرِ الوجهِ الإعرابي بناءً على قصدِ المتکلِّمِ وغايتهِ , وما تحملُهُ الرِّوايةُ من اختلافٍ في التَّرکيبِ النَّحوي ؛ لذا فإنَّ هذا البحثَ يرتکزُ أساساً على آراءِ العلماءِ من شُرَّاحِ الحديثِ , وکيف کانَ أخذهم لهذا الاختلافِ , وتعاطيهم معه ؛ لأنَّ الاختلافَ إنَّما وقعَ بناءً على تعدُّدِ الرِّوايةِ , وتنوُّع الأغراضِ , واختلافِ المعاني والمقاصدِ , وکانَ محورُ هذهِ الدِّراسةِ ما وقفَ عليهِ الإمامُ ابنُ حجرٍ من مظاهرِ ذلک الاختلافِ في کتابِهِ الکبيرِ, وسِفْرِهِ الجليل ( فتح الباري ) , فضلاً عمَّا أشارَ إليهِ جمعٌ من العلماءِ , من الآراءِ والأوجُهِ .