تعد ديانة الصابئة المندائية من أقدم الديانات التي ظهرت ليس في العراق فقط، بل في الشرق القديم كله، ودراسة عقيدة الصابئة المندائية مهمة جدًا للبحث في العقائد الدينية الأخرى، فهى مهمة من حيث الزمان والمكان والموضوع؛ لأن علاقتها قديمة بكل مكان وزمان وجدت فيه الديانات الأخرى، فالمندائية قد عاصرت اليهودية والمسيحية والإسلام، كما أن دراسة عقيدة المندائية ترينا ملتقى التوحيد القديم، والوثنية القديمة، وقد نجد فيها الاصطدام بين هاتين العقيدتين، فالمندائية ليست ديانة وثنية بالمعنى الحرفي للوثنية، والذي يعني إنكار الخالق، أو عبادة الأصنام، وإنكار الرسل وغيرها من مظاهر الوثنية، كما أنها ليست ديانة توحيدية خالصة، إذ لا خلاص فيها مطلقًا من بقايا الوثنية القديمة وتعظيم الكواكب على صورة من الصور، ومن هنا كانت دراسة عقيدة ديانة الصابئة المندائية مهمة في دراسة عقائد الأديان على العموم، وكان لها في ذلك شأن لا يتناسب وعددها القليل، وعزلتها التي فرضتها على نفسها، وفرضتها عليها الأيام، وتظهر أهمية الدراسة من خلال التعريف بمفهوم الصابئة المندائية والجذور التاريخية لهم، والوقوف على الكتب المقدسة لدى المندائيين، ودور رجال الدين في الديانة المندائية، وتسليط الضوء على عقيدة الصابئة المندائية، والأركان التي تقوم عليها هذه العقيدة، ومدى التأثير والتأثر الذي أحدثه المندائيون بالشعوب التي احتكوا بها بمختلف الثقافات والأفكار. ويأتي هذا البحث في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة: أما المقدمة فتشتمل على أهمية الموضوع، وأهم الأسباب التي دعتني للكتابة فيه، وخطة هذه الدراسة، المبحث الأول: التعريف بالصابئة المندائية، والمبحث الثاني: الكتب المقدسة ورجال الدين في عقيدة الصابئة المندائية، والمبحث الثالث: عقيدة الصابئة المندائية، والخاتمة: وبها أهم النتائج التي توصل إليها البحث.