التيارات الفکرية من صور الغزو الخارجي، الوافد على الأمة الإسلامية، ترجو أن تحل محل النظم الإسلامية، وتنزل منزلها، وتتبوأ مکانها، وتطلب مکانتها. وقد مرت بمجموعة من مراحل النشأة، حتى أسفرت عن وجهها على يد دعاتها وعملائها، ولا تزال تسري في الأمة، وتستهدف مصادرها وعلماءها، حتى ذاع صيتها، وانتشر فکرها، وقد أخذت بأساليب ووسائل التطور، حتى التبس الحق بالباطل عند عدد غفير من الناس، وروادها في ازدياد، نظرًا لندرة تصنيع وإعداد دعاة الحق، فضلًا عن غفلتهم وغفوتهم، بالإضافة لضعف وسائلهم وأساليبهم. ولا ريب أن الباطل لا قرار له، وأن الزبد يذهب جفاء، وما ينفع الناس يمکث في الأرض، ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرة على الحق، تسعى لمواجهة هذه التيارات، وتطلب إنقاذ الناس من سمومها، بفقه الدعوة، وآليات البلاغ. وقد جاء البحث يبرز مفهوم التيارات الفکرية، ومراحل نشأتها، وعوامل تطورها، وفقه مواجهتها، انطلاقًا من رسالة الأزهر العالمية، في بلاغ دين الله للعالمين.