تؤثر مجموعة من المؤثرات على آراء العلماء بصفة عامة والمُحدِّثين خاصة, منها: السمات الشخصية؛ حيث يتناول البحث أثرها التطبيقي على آراء المحدِّث الحديثية من خلال منهج استقرائي تحليلي نقدي؛ فتتبع البحث تعريف السمات الشخصية عند علماء النفس والمُحدِّثين, وقرر البحث مَداخِلَ تطبيق هذه السمات الشخصية على المُحدِّثين, مع معالجة عدم ترکيز کتب التراجم على إبراز هذه السمات; بکثرة الاستقراء والتتبع لأفعال المحدث المترجم له, ونسبة کل فعل لما يخصه من الشخصية, وحدد خمسة أنواع للسمات الشخصية بناءً على التعريفات, مع تتبع وجود هذه السمة في حياة المُحدِّثين عامة; لتصنف کسمة حياتية أثرت في مجمل حياته وتعاملاته وآرائه العلمية؛ وهذه الأنواع الخمسة هي: الشخصية العصابية, ويمثلها قتادة بن دعامة السدوسي بتتبع سمة الغضب في حياته وآثارها الحديثية; حيث أصبح شُعبة –رحمه الله- لا يَسأل قتادة عن السماع؛ لأنه يغضب إذا سُئل, والشخصية الانبساطية, ويمثلها الواقدي من خلال تتبع سمة الاستثارة والإغراب وأثرها الحديثي, ثم الشخصية المقبولية وسماتها, ويظهر تطبيقها على عبدالله بن المبارک; من تحليه بسمة الرحمة والعطف, وأثرت فکان لا يترک حديث الرجل إلا إذا کان في عِداد الساقطين، مع کتابته عن الصغير والکبير, ولين عباراته في الرواة, بالإضافة إلى نفقته على المُحدِّثين لبث العلم, وتوسعه في التحديث, ثم الشخصية يقِظة الضمير, يمثلها شعبة بن الحجاج, وسمتها البحث والتفتيش والتنقيب عن الحقيقة, ويکفي أنها أثمرت تأسيس علم الرجال, مع توثيق من وثَّقه شعبة, ومقارنة الحفاظ مروياتهم بمرويات شعبة کقتادة وغيره؛ والشخصية الخامسة هي المنغلقة على الخبرة, وسمتها الإصرار على الخطأ. وعرض البحث تطبيقًا من خلال حياة علي بن عاصم, ثم عرض البحث لمبحث سادس تتبع فيه سمة التشدد والتعنت کمبحث مستقل, وتطبيقاته, وبيان أثره على آراء يحيى بن سعيد القطان, وترتب على ذلک عدم قبول تجريحِه لجماعة کمحمد بن إسحاق وعکرمة بن عمار، وتضعيفِه أحاديثَ صحيحة، وعلى الرغم من ظهور آثار السمات الشخصية للمُحدِّث على آرائه الحديثية, فإن البحث أثبت موضوعية قواعد الحديث وعلومه; حيث بقيت هذه القواعد ضابطة لعلم الحديث, لا تکسرها السمات الشخصية أو غيرها من العوامل؛ فسبحان مَن حفظ سنة نبيه بعبادٍ استعملهم في نصرتها.