بين کل کلمتين مترادفتين أو مجموعة کلمات مترادفة في الظاهر فروق دلالية صوتية أو معجمية أو اشتقاقية أو غير ذلک، وقد کان العرب يعرفون ذلک جيدا، ويطبقونه في کلامهم، ويعتبرونه من الأسس التي يفاضلون بها بين کلام البلغاء، والقرآن الکريم في اختيار الألفاظ وإيثارها على غيرها مما يرادفها في الظاهر قد بلغ في ذلک الغاية التي لا تضاهى والمنزلة التي لا تبارى، لأنه کلام الله المعجز، وقد لفت انتباهي أن السنة قد ذکرت لفظ الجماعة في الحض على لزوم جماعة المسلمين والتحذير من مفارقتها، بينما لم يذکر القرآن لفظ الجماعة في هذا المعنى، فأحببت أن أسبر غور هذه الألفاظ، والبحث في هذا خلال بيان معاني الألفاظ التي تدل على الجمع والاجتماع في نوع دون نوع کالقوم، أو على صفة مخصوصة کالجماعة والطائفة والعصبة ونحوها، ويبرز البحث الفروق الدلالية الدقيقة فيما بينها، في اللغة العربية والقرآن الکريم، وذلک بهدف تجلية جوانب من جمال القرآن وبيانه العالي في بلاغته وإعجازه، فيزداد المؤمن بذلک إيمانا، وتنقشع سحب الشک عن قلوب ضعاف الإيمان، وتقوم الحجة على المشککين المرجفين في بلاد المسلمين.