دعا الإسلام إلى الاعتدال في منهج إسلامي متکامل يلبي احتياجات الفرد والمجتمع بلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تنطع، فالمسلم المعتدل يعيش في سلام داخلي مع نفسه أولا ثم مع المجتمع من حوله، يعبد الله، ويضرب في الأرض، ويتصل بالمجتمع مستمتعا بما حباه الله من نعم قربت له البعيد، وسهلت له العسير، ومن تلک النعم التي حبانا الله في هذا العصر (وسائل التواصل الاجتماعي) التي قربت البعيد وجعلت العالم کأسرة واحدة لکل فرد حقوق وعليه واجبات ويؤدبه حدود إذا تجاوز المسموح، وفي هذا البحث سلطت الضوء على (سبل الاعتدال في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ضوء القرآن الکريم).    ويهدف هذا البحث إلى دراسة مفهوم الاعتدال، ودراسة مفهوم التواصل الاجتماعي في ضوء القرآن وصوره وضوابطه، کما يهدف لدراسة تاريخ وسائل التواصل الاجتماعي، وبيان بعض سبل الاعتدال التي دعت إليها الشريعة في استخدام وسائل التواصل، کما يهدف لدراسة جهود المملکة العربية السعودية لتحقيق هذا الاعتدال، وأثر هذا الاعتدال في استقرار وازدهار الفرد والمجتمع.    وقد خلص البحث إلى أن أهم سبيل من سبل الاعتدال في التعارف والاتصال النية الحسنة التي تتقصد النفع للنفس والغير، والمحافظة على الوقت والعقل والجسد والمال، وأن برامج التواصل الاجتماعي لها تاريخ بدأت منه وهو عام 1994م وهو موقع (Geocities) والذي ظهر في الولايات المتحدة الأمريکية، وهو نفسه العام الذي حصلت فيه المؤسسات التعليمية والطبية والبحثية في المملکة العربية السعودية على تصريح بالدخول إلى شبکة الإنترنت، في حين أنه دخل الإنترنت رسميا إلى المملکة عام 1997م، ولم يسمح للعامة بالوصول إليه إلا عام 1999م إن التدرج الملحوظ في السماح باستخدام الإنترنت في الدخول إلى المملکة يؤکد على أن المملکة العربية السعودية من أوائل الدول التي تسعى إلى التقدم العلمي وتسلک الطرق المتاحة لذلک في اعتدال ووسطية فلم تمکن العامة من استخدام الانترنيت إلا في وقت متأخر؛ حرصا على أفرادها من کل دخيل، کما أنها وضعت نظام مکافحة الجرائم المعلوماتية الذي تم قبوله والعمل بموجبه عام 1428هـ حفاظا على حقوق کل من الفرد والمجتمع في وسطية واعتدال.