يعيش العالم اليوم ظاهرة العولمة بأبعادها المتعددة، والتي باتت تفرض نفسها على مجتمعات العالم کحقيقة واقعة، وأصبح مصطلح العولمة يحتل مکانة في الدراسات الاجتماعية والثقافية والدينية، وقد دخلت العولمة على المجتمعات العربية بواسطة دول تملک موارد اقتصادية مهيمنة وقوى سياسية توسعية، وأدى ذلک إلى وقوع الدول الضعيفة تحت هيمنة قوى العلم، وکان من تبعات ذلک تلک الهيمنة الثقافية. التي جعلت العولمة أشبه بالغزو الثقافي الذي نتج عنه صراع فکري بين الجهتين،‏ وتکوّن إثر هذا الصراع أزمة الهوية العربية الإسلامية، وهي أزمة متشعبة في مجالات عقدية وفکرية واجتماعية..       والإعلام في عصرنا هو الوسيلة الأکثر قدرة على الوصول إلى کل فرد والتأثير على الجميع بفضل التطور التکنولوجي الهائل، وأصبحت وسائله مصدراً أساسياً ورئيسياً للمعلومات التي يتلقاها الإنسان، والتي تُکوِّن صورته الذهنية عن أمور الحياة والقيم والعمل، سواءً کانت صحيحة أو غير صحيحة، ويشکل أغلب الناس مواقفهم السلوکية تجاه قضايا تواجههم في الحياة وفق المؤثرات الإعلامية.         ولا يخفى أن ما يُعرض في الإعلام المعاصر يحمل العديد من القيم والأفکار التي تتعارض مع ثقافتنا وقيمنا وعقائدنا الإسلامية، وکان له دور سلبي في تنشئة أجيال وفق قيم تغريبية کانت منفصلة عن قضايا مجتمعه وهويته، وتسهم في توجيه الاهتمامات نحو المادية والتفاهة والسلوکيات غير المنضبطة.  وتقوم هذه الدراسة على: معرفة ماهية هذا الإعلام المعولم، وأهم أيدولوجيات خطاب العولمة الإعلامية، وهي: أطروحة نهاية التاريخ، وأطروحة صراع الحضارات، وخطاب الليبرالية الجديدة.، والنزعة الإنسانية الجديدة، وخطاب التمرکز حول الغرب.