لا يخفى على المتابع لواقعنا اليوم انشار کثير من الأفکار الخبيثة التي تعصف بأمن الوطن واستقراره، وأن هذا يحتاج بصفة مستمرة إلى الدراسات المتخصصة العميقة التي تواکب حاجة المجتمع، وتلبي مطالبه في تأسيس أفراده بفئاتهم جميعًا - خاصة الشباب - على الفکر المستقيم والوطنية الصادقة من غير إفراط ولا تفريط ولا انحراف ولاشذوذ ولا اعوجاج. وقد عُنِيَتْ السُّنةُ النبوية عناية فائقةً بالأوطان ومواطنيها، واهتمت ببيان حقوقها والواجبات نحوها، وذلک حرصًا منها على أمن الأوطان وسلامتها، وحمايتها من الشرور والأخطار الداخلية والخارجية. وقد حفلت السُّنة المطهَّرَة بالکثير من الأحاديث النبوية التي تظهر اهتمامًا بالغًا برعاية الأوطان وحقوق المواطنة وبنائها على أسس قويمة، وحمايتها من عوامل الانحراف والشبهات التي تعصف بسلامة المجتمع المسلم وأمنه واستقراره، خاصة عند وقوع الأزمات العَقدية والفکرية ومواجهة الأفکار المضلِّلة، وقد جاء هذا البحث ليکشف عن أبرز جوانب هذه المسؤولية الوطنية، وبيان أصولها، وتأييدها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ ليکون حصنًا آمنًا لشبابنا من الأفکار المنحرفة التي باتت تعمل بجميع الوسائل على اجتيال دينهم، واغتيال وطنيتهم، وتجنيدهم في تحقيق الأهداف الخبيثة للأعداء وأهل الأهواء.
وکان السؤال الأبرز الذي يريد البحث الإجابة عنه: ما هي الأمور التي أرشدت إليها والسُّنة النبوية للوصول بالأوطان والمواطنين إلى درجة عالية من الوعي والمسؤولية؟
وکان من أبرز نتائج البحث: أن السُّنة النبوية دلت بقوة على أهمية الأوطان في نفوس أهلها، وأنه لا تعارض بين حب الوطن والانتماء إلى الأمة الإسلامية، وأن من حق الوطن على أهله: المشارکة في تخطيطه وتطويره، والحفاظ على المال العام من الضياع، والسعي في استثماره، والإسهام الفاعل والإيجابي في کل ما من شأنه خدمة الوطن ورفعته، وأن السُّنة النبوية قد اهتمت بالتصدّي لکل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن.