إنَّ من مؤشرات تقدم الأمم وعلامات حضارتها: اهتمامَها بالمرافق العامة وخاصة الطُّرق الرئيسة والفرعية التي يسلکها الناس إذْ ثُمَثِّل قِوَام الحياة في قضاء مصالحهم وتسيير قوافل تجاراتهم، وبلغ من عناية الدول بالطُّرق أنْ أنشأتْ وزارات خاصة للعناية بها وبِمَرافقها، وخَصَّصَتِ الميزانيات الضخمة لها. وقد أَوْلَتِ السُّنةُ النبوية الطُّرَقَ عنايةً خاصةً لأهميتها في حياة الناس، ووَضَعَتِ الأسس والضوابط التي تُنظم أحوالها وتُبَيِّن أحکام سالِکِيها من الناحيتين المادية والمعنوية. وقد جاء هذا البحث ليُسْهِم في نشر الوعي بهذه الحقوق، ودعوة الناس إلى احترامها، ورَصْدِ المخالفات وأنواعِ الأذى التي يقع فيها الکثيرون في الطُّرق العامة حتى صارت مشکلة متفاقمة وظاهرة خطيرة تعاني منها المجتمعات، وقد حرص البحثُ على إيجاد الحلول المناسبة لها، ورَبْطِ التعاليم النبوية الواردة في هذا الموضوع بالتطبيقات المعاصرة خاصة قواعد المرور المعروفة عالميًّا ومحليًّا، وبالتالي إبراز أحد جوانب المعالم الحضارية المشرقة في السُّنة النبوية وإثبات سَبْقِها إلى العناية بالطُّرق وتخطيطها، وسَنِّ الآداب والأحکام التي تنظم شؤونها وأحوالها.
وقد سَمَّيْتُ هذا البحث - بتوفيق الله تعالى -: ) الأحاديث الواردة في حقوق الطريق وتطبيقاتها المعاصرة، "دراسة موضوعية في ضوء السُّنة النبوية"(.