لاشک أن الخلاف بين العلماء ظاهرة طبيعية اقتضتها دلالة الأدلة الشرعية ؛ لأن أکثر النصوص ظنية في دلالتها، أو في ثبوت بعضها ، أو في عدم اعتبار دلالة البعض الآخر منها، أو لخفاء الدليل على بعض العلماء دون البعض الآخر.
ولکن عندما تتعارض أقوال العلماء فإن ذلک قد يکون من أسباب حيرة بعض المستفتين ؛ حيث يرى بعضهم أنَّ وجود الخلاف مُسوغ لاختيار ما شاء من أقوال أهل العلم .
ومن هذا المنطلق دار في خَلدي البحث في مسألة [ الأخذ بأخف القولين دراسة تأصيلية تطبيقية] حيث غلب على أکثر المستفتين التساهل والتوسع في الأخذ بالأيسر في الفتوى والتلفيق بين أقوال أهل العلم بدون ضوابط ، بحجج واهية کالاحتجاج بالاختلاف أنه دليل على جواز الفِعْل ، وأن الدين يسر ... الخ ، وقد يکون في هذا التساهل نوع من شهوات النفس الخفية ، والهوى المتبع ؛ فلعل هذا البحث يوقظ الساهي ، وينبّه الغافل، ويرشد الحيران ، ويدل طالب الحق إلى الطريق السوي الذي رسمه لنا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وسلف الأمة الصالح.