إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً،
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون﴾([1]) .
]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِي خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا کَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلَيْکُمْ رَقِيبًا[([2])
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَکُمْ أَعْمَالَکُمْ وَيَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [([3])
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
فالأولاد منة ونعمة من الله وهم أحد زينتى الدنيا حيث قال تعالى: }الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{([4])، وقال سبحانه: }اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَکُمْ وَتَکَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ{([5])، والإنسان بفطرته يحب الأولاد ويشعر أنهم ضرورة للتنعم بالحياة، وأنهم خلف لذويهم، يحملون الاسم، ويکملون المسيرة، ويعمرون الکون، لذلک من حرم نعمة الولد فقد مقوماً عظيماً من مقومات الاستمتاع بالحياة، فيحاول جاهداً أن يسعى لاستکمال هذا المقوم بالبحث عن سبل العلاج، ومحاولة إزالة الأسباب التى حالت دون ذلک.
لذا کانت مشکلة العقم مشکلة عويصة فعدد النساء العواقر في أوروبا والولايات المتحدة والبلاد المتقدمة في ازدياد مطرد، وکما تقول التقارير فإن واحداً من کل سبعة يعانون من العقم وهم في زمن الإنجاب.
وفى تقرير آخر أن 10 % من الأزواج في سن الإنجاب يعانون من العقم في الولايات المتحدة. وفيها أکثر من نصف مليون امرأة عاقر (في سن الحمل بسبب انسداد أو غياب القناة الرحمية (قناة فالوب). هذا عدا مئات الآلاف من النساء اللائي يعانين من العقم لأسباب أخرى.([6])
هذه النسب فى البلاد المتقدمة فما بالنا بالبلاد الأقل تقدماً، مع حرص هذه البلاد
الأقل تقدماً على الإنجاب وعلى المحافظة عليه، لما فيها من الحفاظ على الأنساب وتجريم الزنا، والفحش، فکانوا أکثر طلباً للولد وأکثر حرصاً عليه، فهى فطرة خلقها الله فى الإنسان وهى فطرة التکاثر والتناسل.
والله سبحانه وتعالى خلق العباد وقدر لهم آجالهم، وأعمارهم وأرزاقهم وسعادتهم وشقاوتهم، فخلق هذا غنياً، وهذا فقيراً، وهذا عقيماً وهذا ولوداً لحکمة يعلمها الله.
}إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ{([7]) وسوف نقوم فى هذا البحث بإطلالة سريعة على العقم من حيث
الماهية، والأسباب، والأنواع، وطرق العلاج، ومدى مشروعية التداوى منه فى الفقه
الإسلامى. سائلاً المولى جل وعلا أن يجنبنا الزلل، ويرزقنا السداد إنه جواد کريم.
([1]) سورة آل عمران آية ( 102).
([2]) سورة النساء آية ( 1 ).
([3]) سورة الأحزاب آية ( 70 ).
([4]) سورة الکهف آية (46 ).
([5]) سورة الحديد آية ( 20 ).
([6])التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب 2/ 176، الدکتور محمد علي البار منشور بمجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولى.
([7]) سورة الشورى آية ( 50 ).