الحوار هو لغة التواصل بين البشر ينضح بمكنونات النفس، ومن خلاله تتلاقي الأجناس البشرية تتوافق أو تختلف. ولأثره الفعال في تربية المجتمعات وتثقيفها وترسيخ القيم والمبادئ ومد جسور الترابط اهتم به القرآن الكريم فعرض لنا الحوار في صوره الدافئة الهادئة؛ فهو حوار الآباء للأبناء، وللإنصاف الذي أمرنا به ديننا وإحقاقاً للحق بين البحث في أحد جوانبه أن بلاغة وأدبيات الحوار نابع من فطرة سوية وُجدت قبل الإسلام عند أهل الفصاحة والبيان وتم عرض نماذج لبلاغة الحوار قبل الإسلام ثم ارتقى الإسلام بحوار الآباء للأبناء ليرسم لنا ملامح حقوق الأبناء وضرورة احتوائهم بحوار بلاغي جذاب يحمل معاني الود والتفاهم يكون حلقة وصل وامتداد لجسور المحبة. فنوع القرآن الكريم في عرض المواقف المتعددة للحوار لنري الحوار الناصح المرشد المطمئن للصغير كما في حوار نبي الله يعقوب – عليه السلام – مع ابنه نبي الله يوسف – عليه السلام- بعد قص رؤياه وهو الولد المطيع المقرب لقلب الأب، وفي الجانب الآخر حواره مع الأخوة الذين كادوا لأخيهم وكانوا سببا في حزن الأب وموقف الأب وبلاغته في احتواء الأبناء جميعاً. كذلك ألقى الضوء على بلاغة حوار نبي الله نوح -عليه السلام- مع ابنه الكافر وكيف حاول الأخذ بيده للنجاة ولكن عناد الابن وكبريائه منعه من اتباع الهدى. وقد كان للبحث إطلالة على بلاغة نصائح لقمان لابنه تلك النصائح الخالصة النابعة من روح الأبوة. كل هذا يجعلنا نقر بأن القرآن الكريم دستور حياة أرسى مبادئ التعامل بين البشر، واهتم بالعلاقات الإنسانية وجعل للأسرة حيزا ومكاناً ليس باليسر فهي نواة المجتمع التي بصلاحها يصلح المجتمع. وبلاغة الحوار ورقي أسلوبه يعكس انطباعاً على الأجواء التي يحيا في ظلها البشر؛ لذا كان حوار الآباء للأبناء يسير بهدوء وسلالة معتمداً على الإيجاز والدقة في العبارة، وقد كان لظلال الألفاظ أثرها في استخراج مكنونات النفس، وتنوع الأساليب البلاغية لتكون وسيلة للإصغاء الذي يتبعه الإقناع إذا أعمل الأبناء عقولهم ولم يتمادوا في عنادهم.