الأسرة لبنة من لبنات المجتمع فكلما قامت الأسر على عقيدة إسلامية صحيحة، والتزمت بالآداب الإسلامية السامية، وجدنا مجتمعاً قوياً سليماً متماسكاً. ولما كانت سورة المجادلة تعالج ما يصيب الأسرة من مشكلات في الجانب التشريعي، وما يحتاجه المجتمع من آداب سامية تقوي العلاقة بين أفراده وتزيل الأحقاد بينهم - النهي عن المناجاة، وآداب المجلس وغيرها - كما تلفت الأنظار إلى الأعداء الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر، وتحذر من موالاتهم ومودتهم. ولا أدعي فضل السبق في تناول هذه الموضوعات التي جاءت بها السورة الكريمة، وإنما هي محاولة يسيرة؛ لإبراز هذه الجوانب التي يحتاج إليها المجتمع المسلم في حياته العملية في هذا العصر بقدر ما يتناسب مع حجم هذا البحث. وسأعرض لهذه الأحكام والآداب التي اشتملت عليها السورة الكريمة. والأحكام الواردة في سورة المجادلة (حكم الظهار وكفارته في الإسلام - حكم موالاة غير المؤمنين) والآداب التي اشتملت عليها السورة (أدب المناجاة في الإسلام - أدب إلقاء السلام - أدب المجلس). وقد ذكر لفظ الجلالة (الله) في كل آية من آيات السورة الكريمة، ولم يتكرر في غيرها من سور القرآن الكريم . وعالجت سورة المجادلة قضية الظهار معالجة شرعية فحلت مشكلة كانت تؤرق الأسرة المسلمة والمجتمع ؛لأنها كانت منتشرة في المجتمع الجاهلي، وكان أهل الجاهلية يعدون الظهار طلاقاً، فجعلت الشريعة الإسلامية الكفارة لمن يظاهر من زوجته على التفصيل المذكور في الآيات الكريمة. ووضعت السورة الكريمة العلاج الناجع والدواء الشافي للمناجاة التي توغر الصدور، وتضطرب لها القلوب، وهي المناجاة بالإثم والعدوان، وما فيه معصية لله ورسوله، واستبدالها بالمناجاة بالبر والتقوى، وما فيه طاعة لله ورسوله. والتوجيه إلى التحلي بالآداب الإسلامية مثل: إفشاء السلام، وأدب التوسعة للقادمين، والسلام على الجالسين، والقيام لأصحاب الجاه والسلطان، وأن الذي سبق إلى مكان في المجلس فهو أحق به إلا أن يأذن هو فيه.