الملخص
يتناول هذه البحث تدبير القرآن الکريم لاتقاء هوى النفس في شرعته ومنهاجه ، المشار إليهما في قوله تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْکِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْکُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءکَ مِنَ الْحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنَا مِنکُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا َ} ( سورة المائدة: 48)
وخلص البحث إلى کشف حقيقة هوى النفس ،وبيان شرعة القرآن ومنهاجه في اتقائه ، وتبين أن الأهواء ميول بشرية تتعلق بغرائز الإنسان الفطرية وشهواته الجبلية ، التي تتطلب ضبطا وحذرا واتقاء ، وليست شرا محضا أو أمر مذموما في کل أحواله والتحذير من الأهواء أو اتباعها عندما تضغط على صاحبها لتدفعه إلى تصرف مخالف للعقل والشرع .
کما کشف عن التدابير الشرعية في اتقاء الهوى من خلال مبدأ الإبدال أو التعويض الذي يعني أن الإسلام عوضها عما حرمه عليها من مشتهياتها بما شرعه لها من الطيبات في غير سرف، کما يظهر في شعائر العبادات ، يتم تهذيب الغرائز ، والإسلام لم يحرِّم على الإنسان التمتع بلذائذ الحياة وتصريف الطاقات ، وإنما وجهها وهذبها ، ووضع لها الحدود والضوابط ؛ لتحفظ للإنسان توازنه ؛ ولهذا فإن المؤمن لا يتبع أهوائه، بل يخضعها لإرادة الله تبارک وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
واستخلص البحث أسس المنهاج القرآني لاتقاء الأهواء معرفيا ووجدانيا وسلوکيا ومجتمعيا ، من خلال عقيدة تبين الغاية والمصير ، وفکر يقوم على العلم ونبذ الاستهواء والتقليد ، وعاطفة تحفز إلى الميول إلى الخير وتزع عن ميول الشر ، وسلوک يتطلب مجاهدة في مقاومة النـزوات وتسعى إلى يوافق الفطرة والشرع، وبيئة اجتماعية توفر تنشئة صالحة ، و تأمر بالمعروف وتنهى عن المنکر .