سعَت هذه الدراسة إلى دراسة بينية تكشف عن أثر توظيف أساليب المداراة البلاغية في مهارات الاتصال الفاعلة, محققة الذكاء الاجتماعي البليغ، مستفيدة من علم النفس وعلم الاجتماع والعلاقات الإنسانية والقيادة الإدارية؛ لتسهم في تحقيق التعامل الأمثل مع الآخرين بفاعلية وحكمة مع اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم, فتقف على شواهد مداراة قولية أو فعلية لمواقف متعددة وردت في الكتاب الكريم، أو السنة المطهرة، أو أدب العرب؛ تستدعي أن يكون الغضب مقامًا لها كما هو القياس لدى عامة الناس, لكن الحكيم عدل عن المألوف إلى مقام المداراة الذي هو أسمى, فامتطت المداراة أساليب بلاغية وظفها المتكلم لغرضه؛ للعدول عن مقام الغضب الجارح إلى مقام المدراة اللطيفة, والمقامان القياس والمعدول عنه كلاهما يوافق مقتضى الحال؛ لأن المقام اقتضاه, إلا أن العدول عن الأصل إلى المداراة استثار ذهن الباحث فحمله على دراسة ذلك؛ ليستنبط الأساليب البلاغية المؤثرة في النفس والمجتمع والعلاقات؛ لتكون أسلوبًا ذكيًّا تمتطيه الألسن ببلاغة للطف يحقق الهدف, ولا يجرح مخاطبًا, كالالتفات, وتجاهل العارف, والتعريض, والكناية, والإطناب الموضح, والسكوت البليغ، وغير ذلك؛ لأغراض دعوية أو نفسية أو أسرية -كدوام الأخوّة- أو قيادية.