هدفت هذه الدراسة إلى الکشف عن الأنساق الثقافية المضمرة في لامية العرب، تلک الأنساق التي تستمد وجودها من العوامل التاريخية والحضارية والاجتماعية وغيرها من العوامل الثقافية التي أسهمت في تکوين هذا النص الشعري، وتوارت هذه الأنساق وراء جمالية الخطاب الشعري وبلاغة تراکيبه، ولذا حاولت الدراسة استنطاق لا وعي النص الذي أضمر تمرّدا سلوکيا وثقافيا مغايرا لظاهر البناء الشعري، مستعينة في ذلک بالتحليل الثقافي، وانتهت إلى مجموعة من النتائج التي کان من أهمها أنّ لامية العرب تعدّ حقلا خصبا لدراسة الأنساق الثقافية؛ وذلک لما تعرضه من تصوّرات ورؤى ثقافية تجسد حرکة الصعلکة في العصر الجاهلي، وتفسّر طرائق تفکيرها، کما أنّ النسق المضمر في لامية العرب اتّسم بالمرونة، فلم يتخذ دلالة أحادية المعنى، بل حمل أنساقا متعددة الدلالة، بسبب تفاعله مع التطورات المجتمعية، والتحوّلات التاريخيّة، الأمر الذي يجعل من هذا النص بنية افتراضية نسقية، وسيروة اجتماعية وثقافية، إضافة إلى أنّ نسق التهميش والإقصاء في لامية العرب عبّر عن آثار الفجوة المجتمعية التي جعلت الشنفرى يکسر طوق الثوابت القبلية، ويرفض الواقع المجتمعي بقوانينه القاسية، کما جلّى لنا نسق الفحولة والهيمنة في اللامية منظومة القيم الإيجابية والسلبية التي أنتجتها ثقافة المجتمع الجاهلي.