اعتاد الباحثون على دراسة أثر الظواهر اللغوية المتنوعة في الشعر بصفة عامة ، لکنهم نادرًا ما يلتفتون إلى دراسة أثر الشعر ذاته في تلک الظواهر ، ومن بينها الظواهر اللهجية النادرة بصفة خاصة ؛ ومن ثم فإن هذه الدراسة تنهض مرتکزةً حول رکيزتين رئيستين هما : التراث الشعري القديم ، والظواهر اللهجية الموسومة بالندرة ؛ بغية الکشف عن جوانب تأثير تراثنا الشعري القديم في تلک الظواهر اللهجية النادرة ، فقد نالت اللهجات العربية عامة حظًا موفورًا من الدراسات قديمًا وحديثًا ، ولکنها دراسات تمرکزت– رغم کثرتها – حول اللهجات المشهورة بشکل ملحوظ ؛ ولعل ذلک يرجع إلى أن النصوص اللغوية المنقولة عــن تلک اللهجات الـــمشهــورة ( شعـرًا ونثرًا ) ، قد أغنت الباحثين عن عناء البحث حول محاولة تخريخ تلک اللهجات الموسومة بالندرة ، وما يتبع ذلک من جهد في تأصيلها .
وفي ضوء ما تقدم ؛ فقد هدفت هذه الدراسة إلى رصد تلک الظواهر اللهجية النادرة التي جاءت على ألسنة الشعراء القدامى ، مع بيان أثر تراثنا الشعري في تلک الظواهر.