Beta
27528

مخالفة المفردة القرآنية لنمط سوابقها في النظم دراسة بلاغية

Article

Last updated: 03 Jan 2025

Subjects

-

Tags

-

Abstract

فإنه من الجرم في حق الأمة العربية وتراثها أن يعتقد الدارس للعربية أن البحث البلاغي الذي يستمد مادته من التراث البلاغي القديم بحث عقيم ، وأکثر منه جرمًا من يسير بغير وعي وراء هذه الدعوات التي تنادي بالتجديد متأثرًا بالفکر الغربي الذي يهدف إلى قطع الصلة بين الأمة الإسلامية وتراثها ؛ لأنه يعلم يقينـًا أن الخير کله في التمسک بهذا التراث .
 إن مثل هذه الدعوات تحاول أن تلبس البلاغة العربية أثوابًا مزيفة تفقدها الذوق ، وتبعدها عن الجمال ، وتحيلها إلى فلسفة هدفها قتل الذوق العربي .
فکثير من هذه الدعوات إلى التجديد تحاول تزييف الحقائق ، وذلک بتغيير مصطلحات التراث البلاغي إلى مصطلحات يرونها حديثة ، يبدلون فيها ويحورون ثم يدعون أن ذلک تجديد وإضافة ، وأن ذلک الصنع من بنات أفکارهم ، وأن هو المنهج الذي يجب الأخذ به ، وترک ما عداه .
وليس معنى هذا أنني ضد مسألة التجديد البلاغي ، ولکنني ضد التجديد الذي يريد أن يهدم التراث ، ومع التجديد الذي يستمد أصوله من هذا التراث العربي ، والذي يتکئ على إشارات العلماء المبثوثة في کتبهم ، ثم يستثمر هذه الإشارات ؛ ليخرج منها بحثـًا علميًا يوضح من خلاله أن التراث البلاغي ما زالت کنوزه مخبوءة في ثنايا کلام العلماء تحتاج إلى من يکشف عنها ، ويبرز مکنونها، وما زالت هناک إشارات في کتب التراث البلاغى تحتاج إلى من يجمع شتاتها ، ويخرج منها بموضوع مستقل.
ومن ضمن هذه الإشارات العلمية في کتب التراث البلاغي الإشارة إلى أسلوب المخالفة ، والانتقال من صيغة إلى صيغة أخرى في سياق نظم الکلام الواحد ، وهو أسلوب جعله بن الأثير من شجاعة العربية ، وذلک لأن صاحب هذا الأسلوب کالرجل الشجاع الذي يرکب ما لا
يستطيعه غيره ، ويتورد ما لا يتورده سواه ([1]) ، وهو کما يقول السکاکي " طريق للبلغاء لا يعدلون عنه إذا اقتضى المقام سلوکه "([2]) ، وبعد أن يعرض السکاکي لشواهد هذا الأسلوب يقول : " وأمثال هذه اللطائف لا تتغلغل فيها إلا أذهان الراضة من علماء المعاني "([3])والعرب کما يقول العلوي: " يرون الانتقال من أسلوب إلى أسلوب أدخل في القبول عند السامع ، وأکثر لنشاطه ، وأعظم في إصغائه ، وإذا کانوا يحسنون قرى الأضياف وهو دأبهم ، وعليه هجيرهم وعادتهم ، فيخالفون فيه بين لون ولون ، وطعم وطعم ، أفلا يستحسنون نشاط الأفئدة ، وملاءمة القلوب بالمخالفة بين أسلوب وأسلوب ؟ بل يکون هذا أجدر ، فإن اقتدارهم على مخالفة أساليب الکلام أکثر من اقتدارهم على مخالفة الأطعمة ؛ لأن البلاغة في الکلام عليهم أيسر ، وهم عليها أمکن وأقدر " ([4])ومع هذه الأهمية لأسلوب المخالفة بين الصيغ داخل النظم ، ومع هذا الإدراک من علماء التراث البلاغي لأهمية هذا الأسلوب إلا أنه لم يأخذ حقه من الدراسة في کتب التراث البلاغي ، فباستثناء إشارات ابن الأثير، والسکاکي، والعلوي لم أجد فيما اطلعت عليه من کتب التراث البلاغي حديثـًا مستقلا ً يعنى بدراسة هذا الأسلوب ، ويرصد أنواعه ، ويکشف عن أسراره ودقائقه ، فقد وجه البلاغيون اهتمامهم بنوع واحد من هذه المخالفات على تنوعها ، وهي المخالفة بين الضمائر ، والتي درسوها تحت مصطلح الالتفات ، أما باقي المخالفات فإن وجد لها شيء في کتب التراث فهي إشارات عابرة لا تفي بالغرض ، حتى هؤلاء الثلاثة سالفي الذکر الذين أدرکوا قيمة هذا الأسلوب ، وبينوا أهميته لم يعطوا هذا الأسلوب في دراسته الأهمية التي وصفوه بها ، ولم يکشفوا عن کل جوانبه وأبعاده ، ولم يدرسوه تحت باب مستقل . فابن الأثير والعلوي خلطا الأمر ، وبدلا ً من أن يدرسا الالتفات على أنه نوع من أنواع المخالفات المتعددة في صيغ الألفاظ جعلا کل انتقال من صيغة إلى صيغة أخرى نوعًا من الالتفات ، وهذا مخالف لما عليه جمهور البلاغيين .
أما السکاکي فإن إشارته لهذا الموضوع جاءت عابرة ، وغير مقصودة لذاتها ، فقد جاءت في ثنايا حديثه عن التقييد بأدوات الشرط  .
ولأهمية هذا الأسلوب التي أشار إليها العلماء ،وعدم استقلاله بدراسة مستقلة في کتب التراث البلاغي تکشف عن أنواعه وأسراره،ودقائقه ولطائفه کان لا بد من البحث عن دراسة تطبيقية ترصد أنواعه، وتکشف عن مراميه ومقاصده ، وتزيل الستر عن نکاته ولطائفه ، فوجدته في القرآن ظاهرة أسلوبية تلفت الانتباه ، وتستوجب النظر ، فکان هذا الموضوع ( مخالفة المفردة القرآنية لنمط سوابقها في النظم دراسة بلاغية) ، وقد استخدم علماء البلاغة في إشاراتهم لهذا الأسلوب أکثر من مصطلح ، فتارة يطلقون عليه مخالفة ، وتارة انتقالا ً ، وتارة رجوعًا ، إلا أن لفظ المخالفة کان هو الأکثر دورانـًا على ألسنة البلاغيين والمفسرين ، ولذا آثرت هذا اللفظ على غيره في العنوان .
ومنهج البحث يقوم على استقصاء أنواع المخالفة بين صيغ الألفاظ في القرآن الکريم وذلک بوضع عنوان مستقل لکل نوع من المخالفة ، ثم الاستشهاد ببعض الشواهد التي تبرز هذا النوع وتوضحه ، وتکشف عن لطائفه ودقائقه ومقاصده ، وأسباب إيثار المخالفة على سير الکلام على نمط واحد کل ذلک للوصول إلى الهدف المنشود من کل دراسة بلاغية ، وهي إثبات إعجاز النظم القرآني ، وتفرده عن غيره من الأساليب ، وکان ترکيزي في  التحليل على أسلوب المخالفة دون غيره من الأساليب إلا ما دعت إليه حاجة البحث ، أو کان مرتبطا بأسلوب المخالفة ، وذلک إيمانـًا مني بأن البحث البلاغي يجب أن يکون منصبًا على النکتة الأساسية المقصودة دون إرهاق البحث بتحليل الأساليب التي لا تمت إلى الموضوع بصلة ؛ لأن تحليل هذه الأساليب الخارجة عن موضوع البحث لا يميز الموضوعات بعضها عن بعض ، ويخرج البحث عن مضمونه وهدفه وقصده .


 

DOI

10.21608/bfag.2010.27528

Keywords

مخالفة, المفردة القرآنية, نمط سوابقها, النظم, دراسة بلاغية

Authors

First Name

رمضان

Last Name

عاشور أبو زيد محمد

MiddleName

-

Affiliation

مدرس البلاغة والنقد بکلية اللغة العربية بجرجا

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

14

Article Issue

7

Related Issue

4937

Issue Date

2010-12-01

Receive Date

2010-11-20

Publish Date

2010-12-01

Page Start

5,965

Page End

6,090

Print ISSN

2356-9050

Online ISSN

2636-316X

Link

https://bfag.journals.ekb.eg/article_27528.html

Detail API

https://bfag.journals.ekb.eg/service?article_code=27528

Order

9

Type

المقالة الأصلية

Type Code

557

Publication Type

Journal

Publication Title

حولية کلية اللغة العربية بجرجا

Publication Link

https://bfag.journals.ekb.eg/

MainTitle

مخالفة المفردة القرآنية لنمط سوابقها في النظم دراسة بلاغية

Details

Type

Article

Created At

22 Jan 2023