Subjects
-Tags
-Abstract
فمما لا شک فيه أن النحويين ما کانوا يتصرفون فى اللغة وفقاً لأهوائهم ، بل کان يحکمهم فى ذلک استقراء طريقة العرب فى کلامهم ، هذا السهيلى – رحمه الله – يقول : " فلم نقل ما قلناه إلا اقتضاباً من أصول السلف ، واستنباطاً من کلام اللغة ، وبناءً على قواعدها ، وجرياً على طريقة علمائها "(1) ، ومن ثم فإننا حين نقرأ فى ( النحو ) ما يجوز من الأوضاع اللغوية وما لا يجوز ، ندرک أن النحويين ما کانوا يجوّزون إلا ما کان مرتبطاً بطرائق اللغة فى الإبانة عن المعانى، وطرائق متکلميها فى الإبانة عن أغراضهم ومقاصدهم(2) ، فـ " قد أرادها أصحابنا وعنَوها ، وإن لم يکونوا جاءوا بها مقدَّمة محروسة ، فإنهم لها أرادوا ، وإياها نوَوْا "(3) .
وفى إشارة قوية إلى أهمية احتذاء هذه الأغراض ، وضرورة المحافظة عليها ، ومنع کل ما يؤدى لنقضها ، نراهم يجعلون من ( نقض الغرض ) علة لمنع أى إجراء يؤدى إلى إجحاف بالمعنى أو إخلال به ، ولبيان الوجه الذى منع أى حکم نحوي يخرج عن القواعد العامة ، والقوانين الکلية لکلام العرب .
ومن ههنا تأتى أهمية هذا البحث ( نقض الغرض ، وأثره فى الدرس النحوي)حيث اتخذ النحويون ( نقض الغرض ) أساساً لاستقامة المعنى وتأديته صحيحاً ، إذ إن مراعاته تسهم بشکل واضح فى الإبانة عن المعانى وتجليتها ، کما يؤکد على ما قلناه سَلَفاً أن النحويين بنوا تصوّراتهم للقواعد بعد استقراء ما نطقت به العرب فى ضوء المحافظة على الغرض ، ومنع ما يؤدى لنقضه ، يصدرون فى ذلک عن کراهية الوقوع فيه، توخياً لحصول الفائدة التى يؤمّها المتکلم من السامع، وتحقيقاً للأغراض التى يحصل بها الفهم والإفهام .
کما تأتى أهميته – أيضاً – من کونه يعدّ تصحيحاً أو تقويماً للسان بإبعاد الخطأ عنه، وحفظه من اللحن الذى قد يعتريه على مستوى الترکيب النحوى ، ليکمل بذلک الجانب الآخر من عملية تقويم اللسان ، وهو التصحيح اللغوى على مستوى الألفاظ المفردة .
علي أنه تجدر الإشارة إلى أن بعض الباحثين قد سبقني إلى دراسة ذات صلة مباشرة بموضوع هذا البحث ، وهي ( من صور الامتناع من نقض الغرض عند العرب وأسراره النحوية والصرفية ) ([1]) إذ تعرض فيها لبعض من مسائل نقض الغرض ، قسّمها إلى فصلين ، أفرد الأول منهما للمسائل النحوية التي صنفها في تسعة مباحث ، والثاني منهما أفرده للمسائل الصرفية ، وقد جعلها في أربعة مباحث.
ويلاحظ في هذه الدراسة غياب التحليل النحوي ، والاکتفاء بجمع المسائل التي تشکل هذه الظاهرة ، مع إيراد أقوال نحوية ليست ذات صلة مباشرة
بـ ( نقض الغرض ) مما أدى إلى انحرافها عن مسارها ، وتضخمها بما لا جدوَى من ورائه.
ثم إنه قد غاب عنها الرؤية الشاملة ، والقدرة العلمية على دراسة هذا المصطلح داخل أنساقه الفکرية ، وتحليل القيمة المنهجية والنظرية للمحافظة على الغرض من الانتقاض ، وبيان أنماطه وضوابطه وعلائقه بغيره من المصطلحات ، مع إبراز مراحل تطوره ، وبيان أثره وتداعياته على البناء الفکري للدرس النحوي .
ولعل ذلک راجع إلى أنه لم تکن غاية الباحث الوقوف على کل ذلک ، بقدر ماکانت غايته جمع قدر من المسائل وتصنيفها ، وإن کانت من القلة بحيث لم تتجاوز ثلاث عشرة مسألة .
ولهذا کله سعيتُ إلى تتبع مواطن ( نقض الغرض ) فى الدرس النحوى ، واستقصائها على الرغم مما يداخلها من عناء ومشقة ، حيث إن مواطنه مبثوثة فى بطون الکتب ، وفى مواقع شتّى .
وقد اقتضت طبيعة هذا البحث أن يکون منهجه ( استقصائياً تحليلياً ) قائماً على تتبع مواطن ( نقض الغرض ) فى نصوص النحويين ، ومناقشتها على نحو يُظهر مدى مراعاته فى تحليلهم الظواهر اللغوية ، وأثرَه الفاعل فى صياغة قواعدهم وتراکيبهم .
ولهذه المنهجية تمّ تقسيم البحث إلي بابين ، يضم کل منهما فصلين ، تسبقهما مقدمة وتمهيد ، وتتلوهما خاتمة ، وثبت بمصادره ومراجعه ، ثم فهرست لموضوعاته على النحو التالى :
● المقدمة : ضمنتها الحديث عن أهمية البحث ، ودواعى اختياره موضوعاً للدراسة، والمنهج الذى انطلق منه ، وصدر عنه ، والخطة التى انتظمته .
● التمهيد : وعنوانه ( تأصيل الأغراض والمقاصد فى الدرس النحوى ) .
وقد تم هذا من خلال الحديث عن نقطتين :
- مفهوم الأغراض والمقاصد .
- علاقة العلل النحوية بأغراض العرب ومقاصدهم .
● الباب الأول : وعنوانه ( توصيف المصطلح : الملامح ، والسمات ، والآثار ) وقد قُسِّم هذا الباب إلى فصلين :
- الفصل الأول : ( مصطلح نقض الغرض بين الدلالة والاستعمال ) وجاء فى أربعة مباحث :
المبحث الأول : خصصته لدراسة ( نقض الغرض ) فى اللغة والاصطلاح ، وتوصلتُ فيه إلى حد اصطلاحى لـ ( نقض الغرض ) وبيّنتُ فيه مضامين هذا الحد ومفاهيمه .
المبحث الثانى : أنماط نقض الغرض ، عرضتُ فيه لأنماط النقض ، التى تم استقراؤها من خلال تتبع مواطنه فى أبواب النحو العربى .
المبحث الثالث : ضوابط نقض الغرض، ذکرتُ فيه مجموعة من الضوابط المحددة والقوانين العامة التى اعتمدها النحويون فى تحليلهم لظواهر (نقض الغرض).
المبحث الرابع : أثر (نقض الغرض) فى الدرس النحوى، وفيه أشرت إلى تأکيد النحويين على ضرورة عدم (نقض غرض المتکلم) وأنهم اتخذوه معياراً للحکم على التراکيب بالجواز أو المنع ، مما يدل على دقة تصورهم للظواهر اللغوية ، وارتباطها بمتکلميها .
- الفصل الثانى:(نقض الغرض والمصطلحات النحوية)وقد جاء فى ثلاثة مباحث:
المبحث الأول : علاقة ( النقض ) بمصطلحى ( الاستقامة ) و ( الإحالة ) .
المبحث الثانى : تطور مصطلح ( نقض الغرض ) لدى النحاة المتأخرين .
المبحث الثالث : نقض الغرض وعلاقته بمصطلح ( الفائدة ) .
المبحث الرابع : نقض الغرض وعلاقته بمصطلح ( أمن اللبس ) .
● الباب الثانى : وعنوانه ( مواطن نقض الغرض فى الدرس النحوى ) وقد قُسِّم هو الآخر إلى فصلين :
- الفصل الأول : ( مواطن نقض الغرض على مستوى الأسماء ) وقد جعلته فى مباحث ، تناولت المرفوعات ، والمنصوبات ، والمجرورات ، والتوابع .
- الفصل الثانى : ( مواطن نقض الغرض على المستويات الأخرى ) وقد جعلته – أيضاً – فى ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : مواطن نقض الغرض على مستوى الأفعال ( عوامل ، ونواسخ ).
المبحث الثانى : مواطن نقض الغرض على مستوى الأساليب .
المبحث الثالث : مواطن نقض الغرض على مستوى تصريف الأسماء .
● الخاتمة : وقد اشتملت على أهم النتائج التى انتهى إليها البحث .
● ثبت مصادر البحث ومراجعه: وهى متعددة ومتنوعة، إذ شملت کتباً نحوية، ولغوية،وبلاغية، وأدبية، قديمة وحديثة، وغير ذلک مما هو مذکور فى موضعه.
● وأخيراً .. ذُيِّل البحث بفهرست لموضوعاته التى ناقشها، والتى عالجها على نحو يقرب من الإفصاح عن الغاية التى سعى إلى تحصيلها.
وبعد .. فإنى أرجو الله – العلى القدير – أن أکون قد وُفِّقتُ فى دراسة هذا الموضوع من خلال تلک النقاط التى ارتکز عليها البحث .
والله من وراء القصد ، وهو حسبى ونعم الوکيل
DOI
10.21608/bfag.2015.21452
Keywords
نقض الغرض, أثره, الدرس النحوي
Authors
Last Name
محمد أحمد عبد الرحيم
MiddleName
-Email
-City
-Orcid
-Link
https://bfag.journals.ekb.eg/article_21452.html
Detail API
https://bfag.journals.ekb.eg/service?article_code=21452
Publication Title
حولية کلية اللغة العربية بجرجا
Publication Link
https://bfag.journals.ekb.eg/
MainTitle
نقض الغرض، وأثره فى الدرس النحوي